تلاشي المركاز من ذاكرة الحجاز

أَكثَر مِن مَرَّة كَتبتُ عَن المِرْكَاز، ومَكَانته فِي الحيَاة الاجتمَاعيَّة، خَاصَّة فِي الحِجَاز.. والمِرْكَاز –لِمَن لَا يَعرفه- هو مَجموعة أَرَائِك مَنصُوبَة فَوق أَعمدة مُرتَفِعَة، تَنتَشر فِي زَوَايَا الحَارَات، عَلى هَيئة مَجَالِس مُصغَّرة، يَجتمع فِيهَا كُلّ يَوم وجهَاء الحَارَة، والفَاعلين الاجتمَاعيّين

..!


وقَد أَدركتُ فِي طفُولتي فِي المَدينَة المُنيرَة، نَماذِج مِن هَذه المَرَاكِيز، وشَعرتُ أَنَّها مِن المُمكن أَنْ تُسمَّى المَجلس المحلِّي لإدَارة شُؤون الحَارَة، ففِي المِرْكَاز كَان يَتم إصلَاح ذَات البيْن، وتَزويج البَنَات، وإيقَاف بَعض قَرَارَات الطَّلاق، التي يَنوي أَصحَابها تَنفيذهَا

..!


كَمَا أَنَّ المِرْكَاز يُعتبر غُرفَة تُجَاريَّة، حَيثُ تَتم فِيهِ بَعض الصَّفقَات، وتُؤخذ العمُولَات المُستحقَّة، والدّستور المُتّبع فِيهِ، يَتلخَّص فِي عِبَارة «كَلمتي عَقد»، أَو كَما يَقول الإنجليز

my word is my bond.

أَكثَر مِن ذَلك، يَقول الصَّديق البَاحث «عبدالله أبكر»: (المِرْكَاز لَه أَصلٌ فِي السُّنة، يَتمثَّل فِي الجلُوس بالطُّرقَات، وحَقًّا أَنَّ الرَّسول سَنّ ذَلك بإقرَاره، لَكنَّه فِي ذَات الوَقت قَال: «إذَا جَلستُم فِي الطُّرقَات، فأَعطوا الطَّريق حَقَّها

»)..!

كَما يُؤكِّد أَحَد المُختصَّين، أَنَّ المِرْكَاز (مستَودع أَسرَار العَائِلَات وأَحوَالهم، ويُبَاشر رَصد الحَالَات الفَقيرَة والأَرَامِل، وتَسجيل المحتَاجين مِن أَهل الحَي، لَدَى الجهَات والجمعيَّات، ويُنَاقش احتيَاجَات الحَي لَدَى الإدَارَات الحكُوميَّة

)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟

!

بَقي أَنْ نُذكِّر، بأَنَّ أَي مُحَاولَة للمُقَارنَة بَين المَقْهَى والمِرْكَاز، مَسأَلة عَبثيَّة، لأنَّ أَغلَب المواظِبين عَلَى ارتيَاد المقَاهي، هُم مِن العَاطِلين عَن العَمَل، أَمَّا المِرْكَاز، فلا يَجتَمع فِيهِ وُجهَاء الحَارَة أَثنَاء أَوقَات العَمَل، حَيثُ تَنصُّ قَوانين المركَاز، عَلى انعقَاد الاجتمَاع مِن بَعد صَلَاة الفَجر، إلَى وَقت العَمَل، ومِن بَعد العَصر حَتَّى آخر اللَّيل)..!!

أخبار ذات صلة

اللا مركزية.. بين القصيبي والجزائري
الصناعة.. وفرص الاستثمار
ما الذي يفعله ذلك الزائر السري؟
نظرية الفاشلين!!
;
رؤية المملكة.. ترفع اقتصادها إلى التريليونات
أوقفوا توصيل الطلبات!!
نواصي #حسن_الظن
قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
;
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
;
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني