العقل محدود بصرامة القيود!

آرَاء النَّاس تَختَلفُ وتَتشعَّب، وتَتنوَّع وتَتعدَّد، وهَذه «اللَّخبَطَة» لَيسَت نَاتِجَة عَن أُسس عَقليَّة، وقِيَم مَنطقيَّة، بَل هي تَخضَع إلَى مُحدِّدَات ومُحتويَات الإطَار الفِكري، الذي يَحكم كُلّ عَقْل..!

والعَقل –


غَالِبًا- مَحدود بثَلاثةِ أَنوَاع مِن القيُود، أَوّلها القيُود النَّفسيَّة، ونَعني بِهَا تِلك العُقَد النَّفسيَّة، التي تَكوَّنت مِن مَكبُوتَات النَّفس، وعَواطِفهَا واتجَاهَاتهَا الدَّفينَة. وثَانيهَا القيُود الاجتمَاعيَّة، التي تَتكوَّن مِن خِلال انتمَاء الإنسَان؛ إلَى طَائِفَةٍ أَو طَبقَةٍ أَو جَمَاعةٍ أَو دِين، لِذَلك هو يَرَى الحَق والصَّوَاب فِي تِلك الدَّوَائِر، التي يَنتَمي إليهَا. وثَالثها القيُود الحَضَاريَّة، ونَعني بِهَا تِلك الحَضَارَة؛ التي يَنتَمي إليهَا الشَّخص، ويَرَى أَنَّ الصَّواب فِي جَانبهَا، والحَقُّ حَليفهَا..!

كُلُّ هَذه القيُود تُشكِّل الإطَار الفِكري، الذي يَنطَلَق مِنه النَّاس فِي أَحكَامِهم، ونَظرتهم للأشيَاء، وفِي ذَلك يَقول المُفكِّر الكَبير، الدّكتور «علي الوردي» فِي كِتَابه: «خَوَارق اللاشعُور»: (إنَّ الإطَار الفِكري -الذي يَنظرُ الإنسَان مِن خِلاله إلَى الكَونِ- مُؤلَّف جُزءه الأكبَر مِن المُصطلحَات والمَألوفَات والمُفترضَات، التي يُوحي بِهَا المُجتَمَع إليهِ، ويَغرزهَا فِي أَعمَاقِ عَقلهِ البَاطن، والإنسَان إذًا مُتأثِّرٌ بِهَا، مِن حَيثُ لَا يَشعُر، فهو حِين يَنظُر إلَى مَا حَوله، لَا يُدرك أَنَّ نَظرته مُقيَّدة ومَحدودَة، وكُلّ يَقينه أنَّه حُرٌّ فِي تَفكيره، وهُنَا يَكمُن الخَطَر، فهو لَا يَكاد يَرَى أَحدًا يُخَالفه فِي رَأيه، حَتَّى يَثور غَاضِبًا، ويَتحفَّز للاعتدَاء عَليه، وهو عِندَمَا يَعتدي عَلى المُخالِف لَه بالرَّأي، لَا يعدُّ ذَلك شَيئًا ولَا ظُلمًا، إذ يَعتَقد بأنَّه يُجَاهِد فِي سَبيل الحَقيقَة، ويُكَافِح ضِد البَاطِل)..!


حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: مِثلمَا يُتَابع السَّائِقون إطَارَات سيَّارَاتهم، وانتفَاخَاتهَا «وتَحبيلَاتهَا»، أُحَاول دَائِمًا أَنْ أُرَاقِب وأُلَاحِظ؛ الإطَار الفِكري الذي أَعيش فِيهِ، حَتَّى لَا أَتوهَّم أَنَّ الحَقَّ هو مَا تَرَاه إطَارَات فِكريَّة، مُنحَازَة –بطَبيعتهَا- إلَى قيُودِهَا النَّفسيَّة والاجتمَاعيَّة والحَضَاريَّة..!!

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»