أو أجرّه إلى مسلم!

ربما لو عنونتُ المقال بـ: (استعاذة من بعض الأمثال الشعبية) لما بالغتُ في التصوُّر.. وقبل أن تستعجل الحكم، لكَ أن تدرسَ فحوى هذا الحديث ومعناه، ومقاربته مع مدلولات بعض الأمثال الشعبية، وأساسيات التربية عند البعض، ونتائجها الطافية على السطح!

أتصوّرُ في كثيرٍ من الممارسات السلوكية الماثلة أمامي في الشوارع والممرات أن هناك من البشر من لا يستطيع النوم بالليل هانئاً إلا بعد أن يتأكد من ارتفاع صدره نشوةً بضررٍ حققّهُ بانتصاره على مسلمٍ في الشارع أو في المكتب، أو هَضَمَ حقَّ أحدِهم أو شَتَمَه. والأدلّة على ما أقول كثيرة، (تأمّل محيطَ عملِك أو حارتَك والشوارع الخلفيّة لحيَّك السكني والسوقَ ومشكلاتِه).


تقرؤون جميعا في الحديث النبويّ الشريف وتسمعون في أذكار الصباح والمساء: «اللهم إني أعوذ بك من شرّ نفسي ومن شرِّ الشيطان وشِركِه وأن أقترفَ على نفسي سوءًا أو أجرّهُ إلى مسلم»!

ماذا تعني العبارة الأخيرة: «أو أجرّهُ إلى مسلم»؟! لقد أوتي نبيّنا سيّد البشر عليه أفضل الصلاة والسلام جوامعَ الكلِم، ولو رجعنا لشُرّاح الحديث بالسؤال عن معنى جرّ الشرّ إلى مسلم، ومكامن البلاغة فيه ربّما خرجنا بكثير. ولكنّني أفهمُ بعد قليلِ تدبُّرٍ أنّه ابتلاءٌ وجبَ تخليصُ الّنفسِ منه، وله دوافعُه البشريّةُ وظروفُه التي أسَّسَتْهُ وهيَّأتْه.


ليس هذا مقالا وعظيّا، وإنّما هي محاولةٌ لمقاربة (نفسيّة) عن سبب التصرفات الناتجة عن المشاكسات في الشوارع من الأطفال المراهقين، وعلاقتها بالتربية الإيمانية، وتعليل التصرفات التي تجرُّ الشرَّ للفرد وتعتدي على الحقّ وتحسبُ ذاك انتصاراً للنفس!

النفسُ البشريّةُ مجبولةٌ بطبعها على هوى النفس، ولا اختلاف حول ضرورة مسألة هضم النفس وترويضها في العمل الذاتيّ للعبد، فهي فضيلةٌ من الفضائل، واجبةٌ عند حدود المحرمات.

ولكنّ الأوجبَ والأشدَّ حرمةً إن كان تركُ النفس على هواها متعديًا ضررُه على آخرين، ولا يستهانُ بصغيره، فضلاً عن كبيره وكثيره.

لم يستعذ النبيّ صلى الله عليه وسلم -في تعليمه لنا هذه الأحاديث- من شيء هيّن!

وأرى غياب استحضار هذه الأوراد، البسيطةِ في حفظها، العظيمةِ من حيث معانيها ومقاصدها، أراه يغيب كثيراً في البيوت أيّامَنا هذه، ولا تدلِّلُ عليه أمثال شعبيةُ دارجة يعتدُّ بها الناشئة، والتي يحضّ بعضُها على وجوب الانتصار للنفس دون اعتبارٍ لحقيقة الموقف، ودون السؤال عن خطئه وصوابه، مع تهميشٍ واضحٍ لعظيم حرمة المسلم وحرمة حقه، على أن هناك أمثالاً شعبيةً أخرى تدل على شِيمٍ نبيلةٍ مثل: «العفوِ عند المقدرة».. ولكن؟!

لولا الخطأُ ما استُدعي اعتذارٌ، ولا طُلِبَ عفوٌ.. فالأولى منعُ السوء ومنعُ جرّه إلى المسلم وامتداح المسالمين قبل الفخر بالقوة الجسمانية وإرث الانتصارات... والله يتولى الصالحين.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»