بارا دوكس «2»

نظرًا لأن مرض البارا دوكس لا يزال منتشرًا بيننا، فإن تناول الموضوع للمرة الثانية أو قد يكون على أجزاء عدة؛ لأهميته الملحة، والتي لا نرغب في الاعتراف به، كنوع من المرض والفايروس الذي يحمله الكثير منا ويعيش به وينشره بقصد أو بدون قصد - لذا فإن البارا دوكس مرض غير عضوي خطير، وباختصار هو (التناقض).

البارا دوكس قد يكون لا إرادي مثل تفاعل الكثير مع القضية الفلسطينية، والغضب الكبير في موافقة الرئيس الأمريكي على اعتبار القدس عاصمة لبني إسرائيل، مع أن فلسطين كلها محتله منذ سبعين عامًا!!


أما البارا دوكس الإرادي، مثل أن تدخل لتلحق بالصف الأول بالصلاة وتنتظم بها، بينما تقف سيارتك بشكل عشوائي، ويمكن أن تسد شارع، أو تحبس سيارات أخرى، وأيضًا ترمي بحذائك على أطراف باب المسجد، وتتحدث عن الانضباط والنظافة بشكل ملفت أمام الجميع!!

وصور «البارا دوكس» كثيرة في مجتمعاتنا العربية أكثر من الغربية؛ لأننا تعودنا أن نجاملَ حتى على حساب أنفسنا وحياتنا وراحتنا، وهذا أهم أسباب البارا دوكس وتفشي صوره، وأصبح التناقض جزءًا من شخصيتنا وتعاملنا مع الآخرين، وأصبحنا بارا دوكسيين منذ الصغر تمارس علينا ونمارسها حتى اعتدنا ذلك.


يقول الله تعالى في سورة الصف: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}، أن يكون كلامك في واد وعملك في واد آخر، هذا التناقض بين الأقوال والأفعال، هذا الكلام الذي يلقى للاستهلاك، والواقع على خلافه، هذه الصورة ذات الوجهين المتناقضين، هذه الشخصية الازدواجية، ولا تظن أن البارا دوكس فقط لدينا، بل الحقيقة أن العالم اليوم يعاني أيضًا من تضاد الأقوال المعسولة، وغالبًا عندما نسمع كلمة حرية وديمقراطية يقابلها قصف، دمار، قتل، نهب، تخريب، وأصعب من هذا كلمات توصف الإسلام بالصحوة، بينما هي تذهب به بعيدًا للتطرف والأهواء والأطماع الشخصية، وتغرر بالكثير منا في دينهم، وبالتالي أوطانهم.

إذا أردنا العلاج السريع للبارا دوكس - كما أقول تكرارًا - ابدأ بنفسك أولًا ولا تنتظر التغير، أو تحسن من حولك لكي تبدأ أنت، أرجو أن تصدقوا بأن البارا دوكس موجود لدينا جميعًا، ولكن بنسب متفاوتة، وعندما يتمكن منا ويكبر يصعب على الكثير التخلص منه، ويستسلم له كرهًا أو طوعًا، وقد نخسر الكثير وأولها نخسر أنفسنا؛ لذا بادر بالعلاج، اتق الله فيما تقول وتفعل، ولا تجامل إلا بحق، وعامل الناس كما تحب أن يعاملوك.

أخبار ذات صلة

اللا مركزية.. بين القصيبي والجزائري
الصناعة.. وفرص الاستثمار
ما الذي يفعله ذلك الزائر السري؟
نظرية الفاشلين!!
;
رؤية المملكة.. ترفع اقتصادها إلى التريليونات
أوقفوا توصيل الطلبات!!
نواصي #حسن_الظن
قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
;
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
;
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني