ليس من العيب ظهور الشيب

قَبْل أَيَّام تَلقّيتُ هديَّة كَريمَة؛ مِن أَبنَاء وبَنَات شَيخنا الدّكتور العَلَّامَة «سالم بن علي الثقفي» -رَحمه الله- رَئيس قِسم الدِّرَاسَات الإسلاميَّة بجَامعة أُم القُرَى بالطَّائف، سَابقًا، والهديَّة عِبَارَة عَن مَجموعة مِن كُتبهِ، أَخذتُ أَلتَهمُ كِتَابًا مِنهَا فِي كُلِّ يَومٍ؛ مِن أَيَّام شَهر رَمضَان المُبَارك..!

فبَدأتُ بكِتَاب «أَحكَام تَربية شَعر الرَّأس وتَهذيبه»، وهو كِتَاب قَديم وغَير مُتوفِّر فِي الأَسوَاق، لذَلك أَحبَبتُ أَنْ أَنقل لَكُم صَفحَة مِنه، فِيمَا يَتعلّق بالشّيْب وصَبغ شَعر الرَّأس، نَظرًا لأنَّ هَذه المَحطّة -أَعنِي مَحطّة الشّيب- نمرُّ بِهَا جَميعًا..!


يَقول المُؤلِّف فِي بَاب: «أوّل مَن شَاب وأوّل مَن خضب»: (قَال السَّفاريني فِي «غِذَاء الألبَاب»، الفَائِدَة الأُولَى: أوّل مَن شَاب «إبراهيم»، خَليل رَب العَالمين، عَليه وعَلَى نَبيّنا الصَّلَاة والسَّلَام، فقَال: يَا رَب مَا هَذا؟، فقَال تَعَالَى: «هَذا وَقَارك».. فقَال «إبراهيم» عَليه السَّلَام: رِبِّ زِدني وَقَارًا، فمَا بَرح حَتَّى ابيضّت لِحيَتهِ الشَّريفَة..!

الفَائِدَة الثَّانية: أوّل مَن خضب بالحنّاء والكَتم «إبراهيم الخليل»، عَليه الصَّلَاة والسَّلام. وفِي أَوَائل السّيوطي: أوّل مَن خضب بالسَّواد –


مُطلقًا- «فرعون». وأوّل مَن خضب بالسَّواد فِي الإسلَام «المغيرة بن شعبة»، رَضي الله عَنه. وأوّل مَن خضب بالوَسمَة بمكَّة «عبدالمطلب». فِيمَا قَال السّيوطي أَيضًا، وفِي فَتح البَاري: أنَّه أوّل مَن اختضبَ بالسَّوَاد مِن العَرَب..!

الفَائِدَة الثَّالِثَة: ذَكر جَمَاعَة مِن عُلمَاء التَّفسير، مِنهم القُرطبي وغَيره: أنَّ النَّذير جَاء بمَعنَى الشّيب فِي قَولهِ تَعَالَى: (أوَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يتذكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وجاءكمُ النَّذِيرُ). آيَة 37 مِن سُورة فَاطِر، وقَد تَرجم البُخَاري بَاب مَن بَلغ سِتين سَنَة، فقَد أَعذَر الله إليهِ فِي العُمر، لقَوله عَزّ وجَلّ «وذَكَر الآيَة»، إلَى قَولهِ تَعَالَى: «وجَاءَكم النَّذير»، يَعني الشّيب..!

ورُوي عَن «أبي هريرة» رَضي الله عَنه، عَن النَّبي -صلَّى الله عَليه وسَلَّم- قَال: «أَعذَر الله إلَى امرئ أخّر أَجله؛ حَتى بَلَّغه سِتين سَنَة». ثُمَّ حَكَى القُرطبي عَن ابن عبَّاس وعَكرمة، وسفيان ووكيع، والحسين بن الفضل، والفراء والطبري، أَنَّ مَعنَى: «وجَاءَكم النَّذِير» هو الشّيب. قَال الحافظ ابن حجر: «اتّفق أَكثَر أَهل التَّفسير؛ عَلَى أَنَّ المُرَاد بِهِ: الشّيب)..!

حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!

بَقي القَول: هَذا هو الكِتَاب، ولَعلَّكم فَهمتم الآن مَقصد ذَلك المُغنِّي، الذي صَدحَ بحَنجرتهِ أُغنية: «شَاب الشَّعر يَا عبيد»..!!

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»