بلسمة الجروح بين عبدو بنيتز وعبده ضيوف

أعادني الرئيس البارجواني ماريو عبدو بنيتز، وهو يتحدث أثناء مراسم قسم اليمين، عن ضرورة مصالحة الشعب وبلسمة الجراح، لكلمات مماثلة قالها لي الرئيس السنغالي السابق عبده ضيوف وهو في سدة الحكم، وسمعت مثلها تقريبًا من رئيس الوزراء الهندي السابق في بي سينج.

وقد يقول قائل إنه الرئيس «السابق» أو إنهما الرئيسان «السابقان» ومن ثم فلا اعتبار لمقولاتهما.. وهذا في ظني خطأ كبير، ذلك أن الرجلين ضيوف وشيكر كانا يتحدثان عن المستقبل الذي بات حقيقة تشهد بها السنغال في غرب أفريقيا والهند في جنوب آسيا.


كان رئيس بارجواي عبده بنيتز يردد أمام شعبه ويشهد عليه ستة من رؤساء دول المنطقة، بينهم الأرجنتيني ماوريسيو ماكري والبرازيلي ميشال تامر والأوروجوياني تاباري فاسكيز والبوليفي إيفو موراليس والكولومبي إيفان دوك: «أريد أن أحترم المؤسسات... أريد أن أثبت أن التزامي هو في خدمة الجمهورية ومستقبلها». وكان زعيم المعارضة ميغيل أبدون ساغييه، يؤكد التزام المعارضة البناءة «إذا ما كانت مشروعات الرئيس الجديد حقيقية وديمقراطية، وإذا ما قدمت حكومته دليلا على الانفتاح».. وكنت أردد: هكذا تتقدم الأمم.. ليس في كرة القدم فقط، وإنما في جميع المجالات.

لقد دخل رئيس بارجواي الجديد من الوهلة الأولى في منافسة مشروعة مع زعيم المعارضة على خطب ود الشعب.. ليس بالخطب الرنانة وإنما بالخطط البناءة، وفي ذلك يقول الرئيس عن خطته لما أسماه «بلسمة الجروح»: «أريد أن أشفي الجروح، من أجل المصالحة بين شعب الباراجواي.. إن ما يجمعنا أقوى مما يقسمنا».


لقد نشأ الرئيس الشاب عبدو بنيتز، وسط أسرة سياسية ديكتاتورية شهيرة، لكنه درس مع الشبيبة الذهبية في أسونسيون، ثم في كلية سان أندريس المرموقة، قبل أن يتخصص في مجال الاقتصاد في الولايات المتحدة، والأهم من ذلك، أنه استقى دروسًا وعبرًا من خطورة الديكتاتورية، ومن غضب الشعب، ومن ومغبة الفساد.. ولأنه يدرك طريقه، فقد ربط في خطابه الأول بين «بلسمة الجروح» وبين «نهضة الاقتصاد» والشعب قاسم مشترك.

كنت في السنغال، عندما بدأ الرئيس السنغالي عبده ضيوف يتململ من منصبه، بعد أن استشعر حجم الفتن والأزمات التي يراد بها إشغال الشعب قبل بدء الانتخابات الرئاسية الجديدة، وعندها أو يومها قال لي بالحرف الواحد، وهذا الحوار مسجل: «سأخوضها هذه المرة نحو مزيد من تحقيق الألفة بين أفراد الشعب، فإن جاءت النتائج مخيبة بفعل الفتنة، فسوف أمضي سعيدًا بما كتبه الله لي.. سأكون سعيدًا بالابتعاد».. وقد كان.. غادر عبده ضيوف وبقيت الديمقراطية في السنغال!

وكنت في نيودلهي، عندما نشبت الفتنة الطاحنة بين الهندوس والبوذيين والمسلمين، بسبب مزايدات الانتخابات التي جعلت من المسجد البابري في ولاية اوتربراديش وقودا لكسب الأصوات، وعندما التقيت الزعيم الهندي في بي سينج، قال مختزلا أو مختصرًا المشهد: «سينكسر قلب الأمة الهندية كلها إذا انكسرت قلوب الأقلية المسلمة.. سأرددها في كل مؤتمر انتخابي مهما كانت الظروف، سأمضي في طريقي، ولو كلفني ذلك خسارة منصبي».. وقد كان خسر في بي سينج منصبه.. وبقيت روح الديمقراطية تعمل عملها!

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»