المحسوبية: البقاء للأسوأ !!

· تقول الأخبار الواردة من الدانمارك أن الحكومة الدانماركية أعفت الأسبوع الماضي مسؤولاً كبيراً من منصبه بعد أن حامت حوله الشكوك بممارسة المحسوبية واستغلال المنصب!. لاحظ أن الإعفاء تم لمجرد أن الشكوك قد (حامت) فقط، حول استغلال (هانس كريستان ماتياس) لمنصبه من أجل التأثيرعلى امتحانات القبول في منصب وظيفي رفيع لصالح زوجته، وسيتم فتح تحقيق للكشف عن جريمة (المحسوبية) واستغلال السلطة التي يعتقد بأنه قد مارسها لتقديم مصلحة زوجته على 13 شخصاً من بين 97 متقدماً من المواطنين!.

· القضية التي قد ينظر لها الكثيرون في بلداننا العربية على أنها أمر عادي يمارس بكثرة لا تستدعي لفت الانتباه، ما زالت تثير موجات من السخط الشعبي والإعلامي في الدانمارك، بل وحتى على المستوى التشريعي الذي ينظر إلى أن تهمة المحسوبية خطيرة جداً بحسب مقرر لجنة الشؤون الدفاعية في البرلمان، (يبا ياكوبسن) الذي يقول: «لا يمكن السماح مطلقاً بترفيع منصب بعيداً عن القدرات، أو لأن مدير المؤسسة يتقاسم طاولة الأكل مع أحدهم (زوجته)، هذا أمر خطير يستدعي تغييرات كبيرة في المؤسسة»!.


· على عكس كل قوانين الطبيعة التي تقول إن البقاء للأقوى والأكفأ والأجود، فإن المحسوبية تنتخب الأضعف دائماً، لاعتبارات كثيرة ليس من بينها الإنتاجية وجودة العمل، ولا العدل والنزاهة طبعاً!. ومن المؤسف حقاً أنه في الوقت الذي تحتل فيه دولة صغيرة كالدانمارك صدارة العالم اليوم تنموياً وتعليمياً ومعيشياً، لا تزال معظم مؤسساتنا وإداراتنا العربية ترزح تحت أغلال الواسطة والمحسوبية؛ التي ترفع الأسوأ دائماً على حساب الأكفأ، وتتجنى على القدرات والكفاءات لصالح الولاء والقرابة والمصالح الشخصية، فتضيع الجهود وتهدر الأموال.. ثم يأتي من يسأل بسذاجة: لماذا تتصدر دول اسكندنافيا كل تصنيفات العالم؟!.

· لا حاجة لتكرار أضرار المحسوبية، يكفي أن نقول إنها السبب الأول للجمود التنموي، والعائق الأكبر للدول العربية عن التقدم والنمو. وكل ما نحتاجه للتخلص من هذه الآفة هو أن يكون المعيار الأول والوحيد للترقي هو الكفاءة والإنجاز. وأن يتم تطبيق تقييم الكفاءة (competency assessment) على القيادات وأصحاب الوظائف العليا بين فترة وأخرى. فمحاربة الفساد تبدأ من عند محاربة المحسوبية، خصوصاً في اختيار قيادات الإدارات.. ومشكلة المسؤول السيىء لا تتوقف عند رداءته وضعف إنتاجيته، المشكلة الأكبر أنه يقوم في الغالب بإحاطة نفسه بـ(شلة) أكثر منه ضعفاً وركاكة وفساداً بسبب خوفه أولاً من أي كفاءة قد تسبب له الإحراج والظهور بمظهر الجاهل.. ثم بسبب رغبته في الإمساك بكل خيوط الإدارة، وضمان ولاء منسوبيها، والسيطرة على كل مفاصلها وامتصاص مواردها.


· من أجمل ما قال صلاح عبد الصبور: ‏«إن أسوأ ما في الواسطة أنها تقود إلى التنازل، والتنازل يقود إلى المساومة، ثم تعمى بعده العين عن الرؤية الصحيحة للأمور».

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»