أقوال بيضاء.. حول دور الآباء

نَحنُ فِي عَصرٍ؛ يَجب أَنْ تَتَضَافَر فِيهِ الجهُود بَين كُلِّ الأَطرَاف، لحمَاية الشَّبَاب الوَاعِد والجِيل الصَّاعِد؛ مِن أَهوَاء التَّطرُّف ومَزَالِق الانحرَاف، مِن هُنَا، نَبدَأ بأوّل خطُوط الدِّفَاع عَن الجِيل الجَديد، وأَعنِي بذَلك الآبَاء، فالأبوَّة لَيسَت إنجَاباً فَقَط، بَل هِي -وهَذا هو المُهم- مَا بَعد الإنجَاب، وهَذا المَقَال سيُحَاول أَنْ يَطرَح عِدّة فَلسَفَات ومَقولات، حَول عَلَاقة الأبنَاء بالآبَاء:

* يَقول العُقلَاء: إنَّ الآبَاء يَجب أَنْ يَكونوا كُرَمَاء؛ كَرماً مُعتَدِلاً مَع أَبنَائِهم فِي الحيَاةِ الدُّنيَا، لأنَّ المَال سيَؤول -غَالِباً- إليهِم بَعد مَوتِ أَبيهم، ولَكن هُنَاك مَا هو خَيرٌ مِن مِيرَاث المَال، وأَعنِي بِهِ السُّمعَة الحَسنَة، والذِّكر الطيِّب، وفِي ذَلك تَقول الأَديبَة «روث رينكل»: (بَعضُ الأَحيَان؛ يَترك أَفقَر الآبَاء أَفضَل مِيرَاث)..!


* الاستنْسَاخ لَيس ظَاهِرَة جَديدَة، كَمَا يَعتَقد البَعض، بَل عَرَفَته الشّعُوب كَافَّة مُنذُ قَديم الزَّمَان، ومَا تَربية الآبَاء للأَبنَاء؛ إلَّا نَوع مِن الاستنسَاخ، وقَد لَخَّص ذَلك -بالبَصيرة لَا بالبَصَر- شَاعرنا «أبوالعلاء المعرّي»، فقَال:

وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الفِتْيَانِ مِنَّا


عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ

* يَرَى بَعض الفَلَاسِفَة أَنَّ أَعمَال الأبُوبَة -عَلَى وَزن الأمُومَة- شَاقَّة، وكَأنَّها حُكمٌ بالمُؤبَّد، أَو هِي مِن الحَالَات المَرَضيَّة التي لَا عِلَاج لَهَا.. هَذا مَا صَرَّح بِهِ شَيخُنَا «أنيس منصور» -يَرحمه الله- حِينَ قَال: (مِن الأَمرَاض التي لَا عِلَاج لَهَا: الحُبُّ والزَّوَاج، والأبوَّة والأمُومَة)..!

* إنَّ العُقلَاء يُطَالِبُون أَفرَاد المُجتَمَع؛ بأنْ يَقوم كُلٌّ بدَورهِ، ومِن أَهَم هَذه الأَدوَار، أَنْ يَقوم الأَب بدَورهِ كأَب، لِذَلك يَقول الحَكيم «كونفوشيوس»: (فليَقُم الأَب بدَورهِ كأَب، والابن كابن)..!

* مَفهُوم اليُتم، مَفهومٌ عَائِمٌ طَويل، ولَيس مَحصُوراً فِي فَقْد الأَب، لِذَلك هُنَاك يُتْمٌ آخَر، وهو يُتْم العِلْم والأَدَب، ويُؤكِّد ذَلك بَيتٌ شِعري مَنسُوب للإمَام «علي بن أبي طالب» -كَرَّم الله وَجهه- يَقول فِيهِ:

لَيْسَ اليَتِيمُ الّذِي مَاتَ وَالِدُهُ

إِنَّ اليَتِيمَ يَتِيمُ العِلْمِ والأَدَبِ

* إذَا عَلّمتَ ابنَك شَيئاً، فحَاول أَنْ تُعلِّمه مِن كُلِّ الجَوَانِب «العَمليَّة والوجدَانيَّة»، حَتَّى لَا يَنتَقدك ابنَك، مِثلَمَا فَعَل الرَّئيس الأَمريكي الأَسبَق «إبراهام لينكولن»، عِندَمَا قَال: (عَلّمني أَبِي أَنْ أَعمَل، ولَكنَّه لَم يُعلّمني أَنْ أُحبّ العَمَل)..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقَي؟!

بَقي القَول: أَجمَل أَنوَاع التَّعليم، أَنْ تَكون سلُوكيَّاتك حَسَنَة صَالِحَة، وتَجعل الآخَرين يُقلّدونك، لتَكون قُدوَة لَهم، وهَذه النَّظريَّة أَثبَتَت نَجاحهَا فِي طَريقة تَربيَة الأَبنَاء، حَيثُ يَقول الأَديب «كلارنس كيلاند»: (لَمْ يُعلّمني أَبِي كَيف أَعيش، بَل عَاشَ وجَعَلَنِي أُرَاقبه)..!!

أخبار ذات صلة

هل التجنيد العسكري هو الحل؟
حصاد الخميس..!!
أهالي شدا الأعلى والتعاون المثمر
خيارات المسيَّر: ملكوت الشعر وجنونه
;
علامات بيولوجية جديدة للكشف عن السرطان
معيار الجسد الواحد
قراءة.. لإعادة هيكلة التعليم وتطويره في بلادنا
دراسة الرياضيات
;
«يا أخي الهلاليين لعيبة»!
الضحايا الصغار.. وغفلة الكبار
طريق الفيل: أثر «الأحلام» الخائبة (3-3)
جامعاتنا.. ونموذج أرامكو في التأثير المجتمعي
;
لا حج إلا أن يكون بأرضها!!
إسرائيل.. كلبٌ بأسنانٍ حديدية
ابنك النرجسيُّ.. مَن يصنعُهُ؟!
قرار حكيم.. «الآن تنطقون» ؟!