مبالغة الأقوال في رسائل الجوال!

المُلَاحَظ فِي رَسَائِل الجَوَّال؛ أَنَّهَا تَضمُّ مُبَالَغةً كَبيرَة، ورَميًا بمَنجَنيق الكَلِمَات، لدَرجة تُشعِرك بأنَّكَ مُجرَّد بَالُون صَغير، يُصرُّ الآخَرون عَلَى تَحويلهِ إلَى منطَادٍ ضَخم، مِن خِلَال نَفخه بمُفرداتٍ عَديدَة؛ تُنَافس بَعضهَا البَعض فِي السُّخْف، والعِبَارَات المَمجُوجَة، وكَأنَّ كَاتِبهَا لَا يَعي الكَلِمَات التي يَستَخدمهَا.. هَذا الأَمر جَعلَني أَبحثُ فِي قوّة الكَلِمَات، ومَدَى صِدقهَا؟، ومَتى تَلْمسُ شغَاف القَلب؟، ومَتَى يَنفر مِنهَا القَارئ؟.. لِذَا دَعونَا نَجُول فِي عَوَالِم الكَلِمَات، لتلَمُّس التَّأثيرَات:

مَا هي أَروَع الكَلِمَات؟.. إنَّه سؤالٌ بسيط، يُجيب عَنه الشَّاعِر الكَبير «جورج إليوت»، حَيثُ يَقول: (أَروَع لُغَة، هِي تِلك التي تَتألَّف مِن كَلِمَاتٍ بَسيطَة، وغَير مُتكلِّفَة).. إلَّا أَنَّ رَسَائِل الجوَّال- فِي مُعظمهَا- تُبَالِغ فِي الاحتفَاء بالمُرسَل إليه، وهَذه المُبَالَغة تُفقد الرِّسَالَة حَلَاوتهَا، لأنَّنا نَستَخدم كَلِمَات كَبيرَة، فِي وَصفِ أَشيَاء صَغيرَة، وذَلِك مَا حَذَّر مِنه الفَيلسوف «صمويل جونسون» حِينَ قَال: (لَا تَعْتَد عَلَى استخدَام كَلِمَات كَبيرَة، لوَصف أمُور صَغيرَة)..!


فبَعض العِبَارَات المُتداوَلة بَين النَّاس فِي الرَّسَائِل، لَا يَفهم مُرسِلُها مَعنَاهَا، وهَذا استخفَافٌ بالمُرسَل إليهِ، لِذَلك تَكون مِثل هَذه الرَّسَائِل جَوفَاء، وفِي ذَلك يَقول الأَديب «أناتول فرانس»: (أَجمَل كَلِمَات فِي العَالَم، لَا تَعدو كَونهَا أَصوَات لَا طَائِل مِنهَا، إذَا لَم تَكُن تَفهَم مَعنَاهَا)..!

غَير أَنَّ مُشكلة أَكثَر الذين يُرسِلُون الرَّسَائِل؛ فِي «الوَاتس أَب»، أَنَّهم لَا يُدركون خطُورة الكَلِمَات، ولَا يَعلَمُون أَنَّها سِلَّاحٌ فَتَّاك، ورُبَّما يُبسِّط تِلك الفِكرة الرِّوَائي اللَّاتِيني؛ «باولو كويلو» حِينَ يَقول: (مِن بَين كُلِّ أَسلَحة الدَّمَار الشَّامِل، التي اخترعهَا الإنسَان، يَبقَى الكَلَام هو السِّلَاح الأَخطَر والأَقوَى)..!


إنَّ المُبَالَغَة فِي الكَلِمَات؛ تَدلُّ دَائِمًا عَلَى فَشَل الأَفكَار، بحَيثُ يُغطّي جِدَار المَبنَى قوّة المَعنَى، وهَذا مَا يَلجَأ إليهِ بَعض المُبَالِغين؛ فِي رَسَائِل الجوَّال، وقَد قَال «غوته»: (عِندَما تَفشَل الأَفكَار، تُصبِح الكَلِمَات فِي مُتنَاوَل اليَد)..!

أَكثَر مِن ذَلك، مَا أَحوَج أَصحَاب المُبَالَغَة فِي كِتَابة رَسَائِل الجوَّال؛ إلَى تَدبُّر كَلِمَات الفَيلسُوف العَبقري «فيثاغورس» حِينَ قَال: (لَا تَقُل القَليل بكَلِمَاتٍ كَثيرَة، بَل قُل الكَثير بكَلِمَاتٍ قَليلَة)..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: عِندَمَا تُفكِّر فِي إرسَال رِسَالَة إلَى صَديقك، يَجب أَنْ تَتوخَّى الصِّدق فِيمَا تَقول، وإلَّا فلَا دَاعي لإرسَالِهَا، وفِي ذَلك يَقول «ماركوس أوريليوس»: (إنْ لَم يَكُن الأَمْر صَحيحًا، فلَا تَفْعَله، وإنْ لَم يَكُن القَول صَادِقًا، فلا تَقُله)..!!

أخبار ذات صلة

أمنية رونالدو ضدَّ الهلال!!
التقاعد «نعمة» إذا أحسن التمتع بمعطياتها
هندسة المرور
الأفراح بين التلوث السمعي وإسراف الطعام!!
;
مؤسسة «تكوين».. تصادر الفكر العربي وتعلن وصايتها عليه!
فلاتر سقراط للقضاء على الشائعات!!
تطوير إعلام الأمانات لمواكبة الرؤية
المدير الرقيق
;
المتحف الوطني للدبلوماسية السعودية
الطائرات.. أكثر وسائل النقل أماناً
ضيوف الرحمن.. بين الجهود الجبارة والمسؤولية المشتركة
شغّل مخك يا ....!!
;
الاعتراف.. والعلاقات الدبلوماسية
التَّملُّق..!!
لمن نكتب !؟
الدعاء.. سلاحٌ أغفلته الأمة