نحن.. والتصحّر الفني!!

• رحم الله المهندس محمد سعيد فارسي، فقد كان أول وآخر أمين مدينة سعودية يُدخل الجمال بتلك الكثافة، وبذلك التناسق الفني البديع والحرفية العالية إلى قلب مدينته التي صارت مضربًا للأمثال. سبق الفارسي إلى المنصب كثيرون، وأعقبه كثيرون أيضًا، لكن اسمه بقي صامدًا محفورًا في أذهان كل السعوديين، بعد أن حوّل جدة إلى قطعة فنية رائعة؛ وجعل من ميادينها وشوارعها أعمالًا فنيةً جعلتها المدينة الأكثر جمالًا وإثارةً للبهجة والراحة بين سائر المدن السعودية.

• أرجو أن لا يسألني أحد لماذا لم تتكرر تجربة الفارسي في مزج الفن بالهندسة مع أي مدينة أخرى، أو مع أي أمين آخر بهذا الزخم اللافت؟ فأنا للأمانة لا أعرف الجواب!.. لكنني وللأمانة أيضًا يغلبني ظن شبه قاطع أن بيننا (نحن السعوديين) وبين الجمال قطيعة كبرى لا مبررَ لها، (خصوصًا بعد تغلغل بعض المفاهيم الخاطئة تجاه الفن خلال فترة ما سُمِّي بالصحوة)، فعلى الرغم من ميزانيات الأمانات الضخمة، وبرغم وفرة الفنانين السعوديين؛ واستعداد الكثيرين منهم للعمل متطوعًا، فإن الناظر لشوارعنا ومياديننا ومداخل مدننا بل وحتى منازلنا لا بد أن يلحظ ذلك التصحر العجيب، والجفاف الفني والفقر الجمالي المدقع، الذي كثيرًا ما يتّحد مع التصحّر الزراعي ليُشكِّلا مزيجًا من (القُبح) المزعج والمنفر الذي لا تُقلِّل منه بعض المحاولات والاجتهادات المتواضعة لـ(دلة) هنا أو (محماس) هناك!.


• لا أريد أن أحوّل المقال إلى محاضرة عن دور الفن في تحسين البيئة؛ وتحسين المزاج المجتمعي العام، ولا عن دور الجمال في التخفيف من سطوة الأسمنت والحياة الرتيبة على نفوسنا.. ولا أريد كذلك أن أسرد أسماء معالم فنية عالمية أصبحت اليوم رموزًا سياحية كبيرة لبلدانها يؤمها الملايين كل عام.. كل ما أردت التذكير به هو كيف غاب عنّا دور الجمال في تهذيب النفوس ورقيها؟! وفي تحسين المزاج المجتمعي العام؟! وفي تهذيب الطبائع وزرع الحب والولاء للأوطان؟!.

• إن المشروعات الكبيرة التي افتتحها خادم الحرمين الشريفين قبل أيام في الرياض، كمشروع إنشاء أكبر حدائق المدن في العالم، وزراعة أكثر من 7.5 مليون شجرة في أنحاء الرياض كافة، إضافة إلى إنشاء مجموعة من المتاحف والمسارح والمعارض وأكاديميات الفنون، وتنفيذ 1000 معلم وعمل فني من إبداعات فنانين محليين وعالميين، تأتي لسد حاجة جمالية تراكمت لسنوات، بعد أن تركناها لأكثر من 30 عامًا، وتنبّه لها سمو ولي العهد الذي وضعها ضمن مشروع تحسين جودة الحياة في بلادنا، وضمن أهداف «رؤية المملكة 2030».


• اقتطعوا شيئًا للجمال في مدنكم وشوارعكم وبيوتكم.. فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»