صناعة الأمل.. على أقل من مهل!

يَحلو لِي بَين وَقتٍ وآخَر، أَنْ أَعود إلَى مَلعَبي ومَسقط رَأسي، ألَا وهو "سَاحة المَفاهيم"، تِلك السَّاحَة التي تُتعب مَن يَعمل بِهَا، أَو يَقتَرب مِنهَا، ولأنَّني أُحبّ التَّعب، فسأَتحدَّث اليَوم عَن مُصطَلَح أَو مَفهُوم الأَمَل..!

يَقول "ستورم جيمسون": hope is a talent like any other، أَي "الأَمَل مَوهبَة كأَي مَوهبَة أُخرَى"..!


نَعم، كُنَّا نَظنُّ أَنَّ الأَمَل هو: حَالَة مِن حَالَات التَّفَاؤل والاستبشَار، أَو هو: فَترة يَنتَعش فِيهَا الإنسَان، إذَا وَجَد مَا يُنعشه، ولَكن الدِّرَاسَات العِلميَّة والبحُوث النَّفسيَّة تَقول: إنَّ الأَمَل هو مَوهبة؛ مِِثلهَا مِِثل الكِتَابَة والغِنَاء والرَّقص، وهَذه المَوهبَة تَحتَاج إلَى أَدوَاتٍ وإجرَاءَات..!

دَعونَا هُنَا نُبسِّط المَسألَة: هَل تتذكَّر أوَّل مَرَّة تَعلّمتَ فِيهَا قيَادة السيَّارة؟، إنَّك فِي تِلك الفَترَة؛ كُنتَ تُمارس القِيَادَة خُطوَة خُطوَة، بحَيثُ تَنظُر إلَى "التَّعشيق"، وتَنظُر إلَى دَوَّاسة الفَرَامل، وتَتمسَّك بالمقوّد، مِثل تَمسُّك الغَريق بطوق النَّجَاة.. كُلُّ هَذا يَحدُث فِي البِدَايَات، أمَّا بَعد أَنْ تَتدرَّب وتَتمرَّن؛ يُصبح أَدَاء هَذه الأمُور آليًّا، وبدُون وَعي..!


مِثَال آخَر: هَل تتذكَّرين عَزيزتي القَارِئَة أوَّل مَرَّة صَنَعتِ فِيهَا الشَّاي؟، إنَّكِ فِي تِلك الفَترَة تَتَّبعين الخُطوَات بدقِّةٍ واهتمَام، وتُراقبِين فَورَان المَاء، وكَيفيَّة وَضع الشَّاي، ومِقدَار كميّة السُّكَّر، ولَكن بَعد المُمَارَسَة والتَّدريب، أَصْبَحَت هَذه الأمُور تَتم بشَكلٍ آلِي وعَفوي..!

إنَّ صِنَاعة الأَمَل لَيسَت بَعيدة عَن التدرُّب عَلَى قِيَادة السيَّارة، أَو عَمَل الشَّاي، إنَّها صِنَاعَة تَتطلَّب الخُطوَات والإجرَاءَات، التي تَحملك إلَى مَوهبةِ الأَمَل..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: أيُّها النَّاس، يَبدُو أَنَّ الأَمَل مَوهِبَة، وهَذه المَوهِبَة تَحتَاج إلَى رِعَايةٍ وتَنمية، والرِّعَايَة والتَّنميَة تَتطلَّب مَجهودًا، لِذَلك يَميلُ النَّاس إلَى الإحبَاط واليَأس، ولَا عَجَب فِي ذَلِك، لأنَّهما أَرخص تَكلفَة وأَقَلّ جُهدًا، أَمَّا أَنَا فقَد اختَرتُ واحتَرفتُ صِنَاعة الأَمَل، لأنَّه أَكثَر مَشقَّة وأَكبَر نَفعًا وأَعزّ أَمَلاً..!!

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»