تشويه المفردات.. بمعانٍ مسمومات.!

لغتنا العربية عامرة بالمعاني والدلالات والبلاغات، مهما نهلنا من نبعها نقف عند بعض الكلمات ونجهل معانيها أو دلالاتها المتعددة.. لغة ساحرة، آسرة، لغة القرآن الرائعة.!

حسبي الله على بعض المفاهيم إذ تخطف مفردة من المفردات وتشوِّه سمعتها، وتجعلنا ننفر من سماعها أو التحدث بها، ومن هذه المفردات كلمة (خدر) التي تشوهت سمعتها حين استولت عليها كلمة «مخدرات» .. لذلك سأذهب إلى القاموس حتى أُبَيِّن الأمر إليكم، وأقدِّم بعض المعاني المثمرة لهذه المفردة اللغوية.


يقول القاموس :

خَدَرَتْ الفتاة : أي استترتْ أو لزِمت الخِدْر وهو البيت، وقد جاء في الحديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام إذا خطب إليه إحدى بناته أتى الخِدْر فيقول: إن فلاناً يخطب، فإن طعنت في الخدر لم يُزَوّجها، (ومعنى طعنت في الخدر أي دخلت وذهبت).!


وخَدَرَ بالمكان أي أقام فيه، وخَدِرَ الشخص أي فَتِر واسترخى، وخَدَرَ البرد أو الحر أي اشتدَّ، وخَدَرَ الليل أي أظلم، وخَدَّرَ الرأي العام أي سيطر على تفكيره، و خَدَّرَ المرأة أي ألزمها الخِدْر، والخَدَر المطر والغيم.

إن الخِدْر في العربية هو ستر يُمَدُّ للنساء في ناحية البيت، ثم يقال نساء مُخَدَّرات أي إذا لَزِمْنَ الخِدْر، وفي كلام العرب معنى آخر للمُخَدَّرات وهو الكريمات من النساء اللواتي لا يَبْرَحْنَ خُدُورَهُنَّ فَهُنَّ يتستَّرْنَ من الرجال.

أكثر من ذلك.. يقال لأسدٌ خَادِر، أي مقيم في عرينه داخل الخِدْر، والشاي المُخَدَّر يعني أن يُطبخ الشاي في الماء المغلي حتى يصبح لونه ثقيلاً وأسودَ، وخَدَرَ النافذة أي أنزل عليها الستار.

وخَدِرَتْ بمعنى ثَقِلَت كما جاء في قول جميل بثينة:

إذا خَدِرَتْ رجلي وقيل شفاؤها... دعاء حبيبٍ كنتِ أنتِ دُعائيا.

و مازلت أذكر أن جَمعتنا الأسرية كل يوم تمتد حول «الشاهي الخادر» أي كامل اللون ونجلس على «البراد المنعش» حتى «تتخدر» أقدامنا من أثر الجلوس.

حسناً ماذا بقي؟!!

بقي القول : إنني مازلتُ ليومي هذا أغوص وأغوص في بحر اللغة وأستخرج دررها المكنونة، وأستكشف أسرارها ومعانيها، ولم أجد أبلغ ولا أجمل من قول الشاعر فيها :

لغتي وأفخر إذ بُليتُ بحبها...

فهي الجمال وفصلها التبيان

عربية لاشك أن بيانها...

متبسم في ثغره القرآن..!!

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»