دعاء قُرّة الأعين

تتّصف بعض الأدعية التي وردت في القرآن الكريم بالشمولية، وأنّها جامعة للدنيا والآخرة، رغم قلّة عدد كلماتها، وهذا من الإعجاز اللغوي العظيم.

ومنها دعاء قُرّة الأعين، وهو: «ربّنا هَبْ لنا من أزواجِنا وذرّياتِنا قُرّة أعين واجعلْنا للمُتّقِين إماما».


فدعونا نُبْحر على سفينة هذا الدعاء المُبارك الذي يتكوّن من ١١ كلمة، ويبدأ بالتوسّل إلى الله بوصفه «ربّنا» الذي ربّانا منذ لم نكن شيئا، بأنْ «يهبنا» ولم يقل «ارزقنا» لأنّ الهبة من الله تكون من غير سبب يبذله العباد، بينما الرزق يكون بسبب، وكأنّ الله يريد إراحة عباده بهذا الدعاء من مشقّة بذْل الأسباب.

وأشهر من استوهب الله هو النبيّ سليمان عليه السلام، واستوهبه المستحيل فوهبه إيّاه، وهو المُلْك الذي لا ينبغي لأحدٍ من بعده، فسخّر له الريح والجنّ والطير يعملون له ما يشاء.


ومن سعادة الإنسان الدنيوية أنْ تقرّ أعينه في زوجته وذرّيته، ممّن هم أقرب الناس إليه، وقُرّة الأعين كناية عن الفرح والسرور بهم، وهي مأخوذة من القَرَر الذي هو البَرَد، وسُمّيت كذلك لأنّ دموع الفرح والسرور تأتي باردة عكس دموع الهمّ والحزن التي تكون ساخنة، أعاذني الله وإيّاكم من كلّ همّ وحزن.

وكم نحتاج للإكثار من هذا الدعاء، وحاجتنا لله الذي شرّعه مثل حاجتنا للماء والهواء، وقُرّة الأعين من الزوجة هي تبادل الراحة والسكينة معها، والرضا والمسرّة، والمودّة والرحمة، والعون والمساعدة، والطاعة في المعروف، والعفو والصفح، وما أعظمها من نعمة لا يعرفها إلّا من يفقدها.

وقُرّة الأعين من الذرية هي البرّ والحبّ، والعطف والشفقة، والنصيحة والرعاية والتوجيه الصالح، وأن يرى العبد أولاده وبناته في خير وعافية، يدرسون وينجحون، ويعملون ويبرعون، ولا يُعانون من فقر ولا بطالة، ولا انحراف وميل عن الاستقامة، ولا مشكلات اجتماعية قد زادت في هذا الزمن بنسبة مخيفة.

وخُتِم الدعاء بسؤال التقوى التي هي زينة كلّ شيء، وسبيل المخرج الآمن من كلّ شرّ، وسبيل الرزق بلا حساب، والطريق الواضح والمباشر إلى الجنّة.

وأعظم ما في الدعاء قد يخفى على الكثير من الناس، وهو أنّه جاء بصيغة الجمع، وعندما يقوله الناس.. كأنّهم يقولونه مرّتيْن، مرّة عن أنفسهم وأخرى عن أزواجهم وذرّياتهم، فيتضاعف عدد مرّات سؤال الله، ممّا هو أحرى بالإجابة.

كم هو عظيم هذا الدعاء، فلنجعله وجبةً دائمة على مائدة دعائنا، وإن استجاب الله له بمشيئته، فابشروا بسعادة الدارين التي تنشدها البشرية جمعاء.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»