الحضارة المصرية امتداد وتجذُّر!

ربما لم يتوقع كثيرون منا، حجم الاحتفالية المصرية التي رافقت نقل مومياوات 22 ملكاً وملكة من ملوك العصور القديمة، ما قبل الميلاد من 7000 سنة، كما يقول المصريون، فخراً بحضارتهم الممتدة في عمق التاريخ، وهم محقون في انتمائهم وفخرهم بهذه الحضارة التي أسسها أجدادهم، والتي لم تمت وتندثر وتبقى ذكرى باهتة في كتب التاريخ، كحضارات قديمة اندثرت واندثر كثير من معالمها.

الحضارة المصرية رغم قدمها إلا أنها مازالت قائمة تؤكد عمقها وأصالتها، فالأهرامات المصرية إحدى عجائب الدنيا السبع، مازالت تجذب إليها عشاق التراث وهي محرض على الانبهار بالإمكانيات والقدرات المعمارية للمصريين القدماء التي هي أحد أهم مظاهر الحضارة.


فالحضارة المصرية تعتبر ثاني حضارة بعد السومرية، حيث تعد السومرية أقدم حضارة متمكنة في التاريخ " 3500 ق،م – 1200 ق،م"، جنوب بلاد الرافدين؛ بينما الحضارة المصرية "3150 ق،م" ومازالت قائمة ولا تزال بإذن الله طالما أن المصريين مهتمون بحضارة أجدادهم، حد تنظيم هذه الاحتفالية المبهرة المبهجة، لنقل مومياوات ملوك حكموا منذ 7000 سنة، وكأن الاحتفالية تأكيد على مكانة الملوك الملكية، ونقلهم ليس عملية إجرائية، بل موكباً فارهاً يليق بأسمائهم المحفورة ليس فقط على جدران المقابر والمعابد بل في صدور المصريين، وعقولهم.

لم يتوقف المصريون عن إنتاج أدب وفكر، فن وعلم، متصل بتراثهم، ويعيد إحياء تلك الحضارات المتعاقبة، ينسجون روايات ومسرحيات حول أحداث وشخصيات الأجداد، في مزج متقن بين التاريخ والخيال، بالإضافة إلى الاهتمام المتواصل بالآثار، ترميمها وحفظها، والأجمل هو البناء على حضارة الماضي، وهذا في تصوري سر تميز المصريين في مختلف مجالات الإبداع.


يوم السبت 3 إبريل، أعاد المصريون إحياء حضارة أجدادهم في مزج بديع بين الماضي والحاضر، وكأنهم يقولون لأجدادهم، نحن الأبناء البررة انظروا إلى أين وصل إبداعنا وتميزنا!

احتفالية ضخمة فخمة على كل المستويات الثقافية والرسمية، البروتوكولية العسكرية والفنية، لفتت أنظار العالم، ساعات والعالم يتابع خروج موكب المومياوات من المتحف القومي في ميدان التحرير، إلى متحف الحضارات الحديث في الفسطاط بحي مصر القديمة، وخلال رحلة الانتظار يشاهد وينصت إلى كل ألوان الفنون.

مصر أم الدنيا، والمصريون عباقرة الفن والإبداع، لا أحد ينكر لهم، تميزهم في مجالات الفنون المختلفة، السينما والمسرح، الموسيقى والغناء بمختلف ألوانه، لذلك استطاعوا أن يضمّنوا الاحتفالية كل أنواع الفنون، لعرض تاريخ حضارتهم بأحدث الوسائل والأساليب الحضارية، فالمعزوفة الأوبرالية التي عزفت بمتحف الحضارات خلال موكب المومياوات الملكية مأخوذة من النصوص الهيروغليفية وهي مقتطفات من افتتاحية مهابة إيزيس مكتوبة على جدران أحد المعابد في محافظة الأقصر.

الحضارة لغة: هي مصدر الفعل حضر، وجمعُها حضارات وهي التمدن والتحضر.

والحضارة لها تعريفات مختلفة عند علماء الاجتماع كابن خلدون وتايلور وغيرهم من العلماء والمنظّرين، ولكن كل تلك التعريفات تؤكد على أن الحضارة هي كيان معقد يشتمل على العديد من الآداب والفنون والعادات والتقاليد ومختلف القوانين التي يكتسبها الفرد لكونه فرداً في المجتمع.

فالحضارة المصرية في حفل نقل المومياوات تجلت في التنظيم الدقيق والعروض والأضواء ومبنى متحف الحضارة حتى الفيلم السينمائي الذي عرض خلال الاحتفالية جمع بين الحكاية واستعراض كل الآثار والمتاحق المصرية، مشاركة الفنانين أضفت على الاحتفالية بُعدها الجمالي الأنيق كذلك مذيعتا الربط بجمالهما وأناقتهما وتمكُّنهما أحد محرضات الإبهار.

أي أن منظمي الحفل اهتموا بكافة التفاصيل، حتى العربات التي نقلت المومياوات، وهذا يدل على أن الحضارة مهما تجذرت، لا بد من البناء عليها والامتداد بها حتى تعيش 7000 سنة أخرى وأخرى!.

أخبار ذات صلة

قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
;
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
;
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني
التحريض على الفسق والفجور
أبلة زهرة.. ومدرسة «الفتاة»
العناية بالمواهب عبر التاريخ
;
أبناؤنا.. والإنترنت المظلمة!
ذاكرة المطوفات.. ‏إضاءات تاريخية مشرقة
مقرر الكتابة الوظيفية والإبداعية.. مهلًا!
محمد بن سلمان.. و «رؤية 2030»