كتاب

إبداء التأفُّف من انقراض التعفُّف

يبحث الإنسان -دائمًا- عن مكانته بين الناس، وما علم أن المكانة هو الذي يصنعها، وليس الناس، وقديمًا قالت الشعوب: (الإنسان حيث يضع نفسه)، ثم قالوا أيضًا: (عز نفسك تجدها)..!

إن قيمة الإنسان الرفيعة -غالبًا- تنزل بسبب الطمع، لأن الطماع يضع نفسه في الأماكن التي لا تليق، وكتب التراث عامرة بأمثال وشواهد؛ لا تستوعبها عشرات المقالات..!


دعوني -هنا- أستشهد بقصة قد تلخص فكرة المقال وتوجزها، حيث تقول الكتب: (إن الشاعر «أبو زياد التميمي»؛ دخل يومًا على الخليفة العباسي «أبو جعفر المنصور» وهو يُقسم المال بين ثلاث فئات من المسلمين، هم القواعد والعميان والأيتام، فقال «أبو زياد»: أصلحك الله، اكتبني في القواعد، فرد «المنصور» قائلاً: عافاك الله، القواعد هن النساء اللاتي قعدن عن أزواجهن، قال «أبو زياد»: فاكتبني مع العميان، فقال «المنصور» مشيرًا إلى حاجبيه: اكتبوه في العميان، فإن الله تبارك وتعالى يقول: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)، قال «أبو زياد»: واكتب ابني في الأيتام، فرد «المنصور» قائلاً: نعم، من كنت أباه فهو يتيم)..!

إن الحرص على الوجاهة والمال؛ يذل أعناق الرجال، ولقد رأينا في الدنيا طائفة كبيرة من الناس؛ في أماكن أقل من مقدارهم، ولم يكن ذلك إلا بسبب الطمع، ولقد صدق شاعرنا العظيم «أبو العتاهية» حين قال:


تعالى الله يا سلمّ بن عمرو

أذل الحرص أعناق الرجال

هب الدنيا تساق إليك عفوًا

أليس مصير ذاك إلى الزوال

فما ترجو بشيء ليس يبقى

وشيكًا ما تغيره الليالي

خبرت الناس قرنًا بعد قرن

فلم أر غير ختال وقال

وذقت مرارة الأشياء جمعًا

فما شيء أْمر من السؤال!

حسنا.. ماذا بقي؟!

بقي أن نؤكد أن متطلبات الحياة كثيرة، ولكن العقلاء دائمًا لا يسمحون لهذه الحاجة؛ بالانتقاص من مكانتهم.. فالتعفف من فضائل الفقراء؛ الزهاد بما في أيدي الناس، وهذه الفضيلة لا ينافسهم فيها أحٌد من علية القوم..!!.

أخبار ذات صلة

اللا مركزية.. بين القصيبي والجزائري
الصناعة.. وفرص الاستثمار
ما الذي يفعله ذلك الزائر السري؟
نظرية الفاشلين!!
;
رؤية المملكة.. ترفع اقتصادها إلى التريليونات
أوقفوا توصيل الطلبات!!
نواصي #حسن_الظن
قتل طفل لحساب الدَّارك ويب!!
;
ألا يستحون؟!
الخلايا الجذعية والحبل الشوكي
أقمار من خشب!!
هُويتنا وقيمنا وأخلاقياتنا العربية والإسلامية.. في خطر
;
رجع الصدى
لا شيء في الضوضاء.. غير وجهك يا معطاني!
القمع من المهد إلى اللحد!!
رحم الله معالي الدكتور عبدالله المعطاني