كتاب

من البادية إلى سيناء.. مسيرة أبطال

في حرب أكتوبر 1973، حدثت الكثيرُ من القصص، أبطالها أحياءٌ بيننا، نعرفُهم جيدًا، نعرفُ قصصهم، وبطولاتِهم، وأفعالَهم، لكنَّنا لم نكتبها.

العمُّ «ضيف الله اللقطي الظفيري»، أحدُ أبناء القوَّة الكويتيَّة التي شاركتْ في تلك الحرب بجبهة سيناء، حكى لي طويلًا قصَّة قصف الطَّائرات الإسرائيليَّة لهم، وبدايات حدوث الثَّغرة، وسقوط قيادة كتيبته شُهداء.


في تلك اللَّحظة، وأثناء ارتباكِ ما بعدَ القصفِ، التفَّ الجنودُ حول الضَّابط «سعدي فالح الشمري»، ويصفُ مشهدَ تحلُّقهم حوله وكأنَّهم طيورُ القطَا بتلاحمها عندَ الخطرِ.

في تلك اللَّحظة تقدَّم «سعدي» رفاقَهُ، أحصَى القتلَىَ والجَرْحَى، وبدأ مسيرة إنقاذهِم في لحظةِ ارتباكٍ كبيرةٍ.


بفضل اللهِ، ثُمَّ بفضلِهِ نجحت القوَّة في الوصولِ لمُعسكرِهَا بأقلِّ عددٍ من الخسائر، واليوم بعد أكثر من خمسين عامًا من ذلك الحَدَثِ، التقيتُ «سعدي فالح الشمري» في منزلِهِ، وجدتُهُ كمَا قالُوا وأكثر، رجلًا نبيلًا، وفيًّا لذكرى رفاقِهِ، يتحدَّث باستفاضةٍ عن تلك اللَّحظات، مُشيدًا بزملائِهِ.

تحدَّث عن نِعَمْ الأمنِ والأمانِ والاستقرارِ التي نحياهَا في الخليجِ، عن وحدتنا، وولاة أمرنا، الذين فتحُوا أبوابَهم وقلوبَهم لشعوبِهم، وكانُوا معهم في السرَّاء والضرَّاء.

تحدَّث عن مرحلةِ الفقرِ والتِّرحالِ، ومرحلة الرَّخاءِ والازدهارِ، وأهميَّة أنْ يتمسَّك الشَّبابُ بأوطانِهم، وأنْ يتحلَّوا بالأخلاقِ الحميدةِ، ويعملُوا على الارتقاءِ ببلادِهم.

في نهاية حديثه، التفتَ لليمينِ وقال: هذَا «حسن جزَّاع الشمري»، كان ضابطًا كذلك.. ابتسمتُ وقُلتُ: كما قدَّمت لرفاقِكَ هو قدَّم، كلاكُما تركَ أثرًا جميلًا ونبيلًا في مسيرتكما الطويلة، وكنتما مُقبلَين على كُلِّ خيرٍ، مُغلقَين لكُلِّ بابِ أذى.. قالُوا عنه ما قالُوا عنكَ، كريمًا شجاعًا داعمًا للجميع.

غادرتُ مجلسهم العامر، وقلبي مليءٌ بأحاديثِهم النقيَّة، ونصائحِهم الثَّمينة، وكرمِهم اللا محدود.

أكتبُ اليومَ عنهم، لنفخرَ في الخليجِ بهؤلاء الأبطال، الذين خرجُوا من القُرى والبوادي ليلتحقُوا بركبِ البناء لأوطانِنَا، مؤمنِينَ أنَّنا -جميعًا- واحدٌ، قوَّتُنا في هذِهِ الوحدة والاتِّحاد.

أخبار ذات صلة

«يا أخي الهلاليين لعيبة»!
الضحايا الصغار.. وغفلة الكبار
طريق الفيل: أثر «الأحلام» الخائبة (3-3)
جامعاتنا.. ونموذج أرامكو في التأثير المجتمعي
;
لا حج إلا أن يكون بأرضها!!
إسرائيل.. كلبٌ بأسنانٍ حديدية
ابنك النرجسيُّ.. مَن يصنعُهُ؟!
قرار حكيم.. «الآن تنطقون» ؟!
;
البدر الذي أحببناه...
مواردنا المائية.. وحتمية الإدارة المستدامة
السلع المقلدة.. خطر داهم يُهدد سلامتنا
فريقك!!
;
هيكل التمويل والنجاح
كُن واضحاً في ظهورك
داكــــــا
عندما شعرتُ أنَّني Homless..!!