Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

شخصنة مؤسساتنا الحكومية

من الثابت علمياً أن العمل الإداري على مختلف المستويات لابد وأن ينطلق عند تنفيذ المهام الموكلة لكل قائد وزيراً كان أم مديراً من مبدأ العمل المؤسسي الذي يرتكز فيه الأداء على تنفيذ خطط قد تم إعدادها سلفا

A A
من الثابت علمياً أن العمل الإداري على مختلف المستويات لابد وأن ينطلق عند تنفيذ المهام الموكلة لكل قائد وزيراً كان أم مديراً من مبدأ العمل المؤسسي الذي يرتكز فيه الأداء على تنفيذ خطط قد تم إعدادها سلفاً بعيدة ومتوسطة وقريبة الأجل بحيث تصبح مهمة القائد فيها هي التنفيذ وتحسين الجودة ودقة المتابعة، لكن اللافت أن بعض مؤسساتنا الحكومية لا تلتزم بهذا المبدأ الإداري المحوري بل تنطلق في تنفيذ مهامها من مبدأ ( طقها والحقها ) الذي يقوم على العبث بالخطط وفق الأهواء والرغبات الشخصية للقائد وتكرار التجارب التى يغلب على أكثرها الفشل لافتقادها للعلمية ،وهنا يتحول دور القائد من بناء عمل مؤسسي تكاملي بين ما قبله وما بعده الى بناء مجد شخصي يسجَّل له لا لمؤسسته ،ومن هنا يذهب الوقت وتهدر الأموال وتضيع الجهود عاماً بعد آخر، ولعل هذه القضية المستشرية في بعض مؤسساتنا تعد من أهم القضايا الواجب الالتفات لها من قبل ذوي العلاقة.
وفي جانب آخر أراه أكثر ارتباطاً بما سلف ذكره وهو أن ذلك القائد (على مختلف المستويات أيضاً) أصبح يتقمص حالة المِلكية الشخصية لمؤسسته، فنراه يحرص على اختيار معاونيه على هواه وليس الأقدر والأكفأ مهنياً مما يترتب عليه تنامي القصور والخلل في مؤسسته ،كما نراه يأمر وينهى ويقرر ويثبت ويلغي ما يرضي شخصه لا ما يناسب نماء وجودة مؤسسته ،كما نراه يحول مسار خططه ومهام موظفيه الى ما يخدم مصلحة شخصه لا مؤسسته ،وهكذا يتحول عمل المؤسسة الى عمل مركزي تحت مظلة إدارته السلطوية التي تخدم التجذر لكرسيه لا النماء والتطور لمؤسسته .
وفي جانب آخر أيضاً نجد أنه تبعاً لذلك الواقع غير الصحي تتحول الخدمة التي تقدمها مؤسسته من خدمة مستوجبة التنفيذ من قبل منسوبيها الى خدمة تفضُّل ومِنَّة يمنحها هو وأغلب موظفيه الى المواطن ،مما يفتح باباً واسعاً لداء الواسطة والمحسوبية الذي اتسعت دائرة انتشاره داخل مسارب بعض مؤسساتنا حتى أصبح المراجع لتلك المؤسسات يتقمص شخصية المتسول لعمل هو من أبسط حقوقه ،وهذا أمر لايمكن القبول به في ظل ما يعيشه العالم من حولنا من تنامٍ في حالة العمل الديمقراطي ،كما يتنافى تماماً مع كرامة المواطن في المطالبة بحقوقة التي أصبحت
تمتلكها تلك المؤسسات وتجيرها لها كملكية غير مستحقة وتتنافى حتى مع تعاليم ديننا الحنيف .
ولعل الخلاص من تلك الحالة الفسادية إدارياً لا ولن يتم إلا في ظل إجراء تطوير وتعديل الكثير من الأنظمة واللوائح المعمول بها في مؤسساتنا وإلزامها بوضع خطط زمنية بعيدة ومتوسطة وقريبة الأجل ملزمة التنفيذ والأهم من ذلك محاولة تطوير الفكر الاداري من خلال أنظمة المتابعة والمحاسبة الدقيقة وإقامة الدورات المتقدمة لهذا الغرض. .وكم أتمنى أن تتولى وزارة الاقتصاد والتخطيط متابعة وضع وتنفيذ تلك الخطط المؤسسية ومحاسبة المقصرين . والله من وراء القصد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store