Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

محبة الرسول صلوات الله عليه

نحن أحوج في هذا الزمن، إلى تهذيب النفس بذكر شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم، وذكر مولده الشريف، دون مبالغة، لتأكيد هذا المعنى " المحبة" في وجداننا لأفضل الخلق أجمعين

A A
يقول الكندي: الحب حاجة من حاجات النفس وهي دائماً تسعى إلى تحقيقه، تلك الحاجة النفسية يشبعها شيء من الحب أو كلمة (أحبك) والمولد النبوي في تصوري هو هذه الكلمة (أحبك يارسول الله) كي تشبع الحاجة النفسية إلى حب أشرف الخلق، وخاتم النبيين» إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا « (56)

الأحزاب

المحب يبحث عن شكل يعبر به عن محبته لمحبوبه، الوردة مثلا تعتبر رمزاً للتعبير عن الحب بين العاشقين، يقدمها العاشق لمعشوقه، والاحتفاء بالمولد النبوي رمز عمق محبة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت محبة الرسول صلى الله عليه وسلم واجبة على كل مسلم ومسلمة لقوله صلى الله عليه وسلم: عن أنس – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» أخرجه البخاري، فالمولد النبوي شكل من أشكال محبة رسول الله والمحافظة على استمرارية سرد سيرته العطرة بطريقة إنشاديه محببة، والتذكير بمواقفه العظيمة وصبره على الأذى من قومه وهجرته العظيمة التي يتخذ منها المسلمون منطلقاً لتاريخهم وبداية لسنتهم

.

نحن أحوج في هذا الزمن، إلى تهذيب النفس بذكر شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم، وذكر مولده الشريف، دون مبالغة، لتأكيد هذا المعنى « المحبة» في وجداننا لأفضل الخلق أجمعين، الذي لقي من الأذى ما لقي ومع ذلك لم ينتقم ولم يطلب من ربه غير الصفح عن كل من نكّل به

.

حكت لي السيدة فاطمة من سيدات مكة وهي تبكي ألماً على رسول الله بعد أن لحق به الصبيان يرمونه بالحجارة ويشتمونه بعد رحلته إلى الطائف، لجأ إلى بستان صغير، استند إلى جداره مهموماً حزيناً والدماء تسيل من قدميه الشريفين، ملتجئاً إلى ربه يدعو: « اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس...)، جاءه غلام نصراني اسمه «عداس» يحمل قطفاً من العنب، وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، مد يده الشريفة وقال: «بسم الله» ثم أكل، ودعا لعداس الذي أسلم بين يديه، فخلد الله ذكر ذلك الغلام بمسجد عداس في الطائف حتى يومنا هذا

.

هذه القصة معروفة، لكن ورودها على لسان السيدة وهي تبكي حزناً على ما أصاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى خلقه الكريم، وبركته حتى الغلام النصراني الذي أسلم بين يديه نالته بركته صلوات الله عليه، فخلد اسمه في بيت من بيوت الله تؤكد هذا الحب العميق في قلوب المسلمين للرسول

.

استعادة قصة مولده صلى الله عليه وسلم وهجرته بأسلوب محبب، وطريقة جميلة تليق بسرد سيرة أفضل الخلق، بالإضافة إلى الأناشيد والمدائح النبوية للترويح ليس أكثر وكلها تشتمل على ذكر الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله، كما أن معظم المحتفلين ليسوا معنيين بالتوضيح والشرح بقدر قناعتهم بأهمية هذه المناسبة والاحتفاء بالمولد في كل أوقات العام دون التزام بيوم أو تاريخ

!.

الموالد التي أنشأها الفاطميون في مصر للتستر على فساد الحكم، وإلهاء الشعوب بالمغنى والاحتفالات التي يباح فيها كل شيء، أصبحت هى الصورة الوحيدة في وعي كثيرين للأسف، والربط بينها وبين الموالد في الحجاز وسيلة لتنفير العامة من المولد النبوي الشريف الذي يرمز إلى محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعظيمه وتغذية القلوب بالمحبة كي لا تجف وتقسو.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store