عصر نهاية الأعذار

نعيش اليوم في عالم الإبداع والابتكار والتطوير، عالم يتسم بالسرعة وتطور التقنية والاعتماد بشكل كبير على شبكة الإنترنت والتي ساهمت في جعل العالم يعيش وكأنه قرية واحدة صغيرة تتواصل مع بعضها البعض وتتبادل الأفكار والآراء والمقترحات، وتقوم هذه الشبكة بتزويدنا يومياً بكل ما هو جديد في هذا الكون، فأصبحنا نتنفس ونأكل ونشرب من خلال هذه الشبكة، فننام عليها ونصحو عليها ونكتشف من خلالها كل يوم شيئاً جديداً منه ما هو ايجابي ومنه ماهو سلبي، وما كان يمكن تحقيقه خلال سنوات أصبحنا من خلال هذه الشبكة نحققه في أيام بل وأحياناً في ساعات أو دقائق قليلة، وما كنا نسعى للوصول اليه من خلال فرق عمل ضخمة وميزانيات كبيرة أصبحنا ننجزه بأقل عدد ممكن من الأفراد وبمبالغ قليلة للغاية.. فمع هذه الشبكة لم يعد هناك شيء مستحيل فهناك اختراعات جديدة وخدمات مبهرة وتقنيات عالية وفي كل يوم تبهرنا هذه الشبكة بكل جديد مرتبط بحياة الناس.

النقلة التقنية الكبرى التي شهدها العالم خلال السنوات الماضية ساهمت في رفع أفق التوقعات والطموحات ليصبح أكبر وأوسع، كما ساهمت في تضييق مساحة الأعذار وإلغائها في بعض الأحيان مما جعل البعض يؤكد بأننا في عصر لا يوجد فيه معنى لكلمة (مستحيل) في كثير من المجالات، فعلى سبيل المثال جاء الذكاء الاصطناعي ومن خلال شبكة الإنترنت ليلعب دوراً كبيراً في إحداث العديد من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والصناعية في كثير من الدول ولم يكن يتخيل أحد بأن مثل هذه الوسائل التقنية تملك مثل هذه القوى لإحداث مثل هذه التغييرات في حياتنا اليومية.

حتى وسائل الإعلام التقليدية كالإذاعة والقنوات التلفزيونية والصحف اليومية، لم تعد كالسابق فكل تلك الوسائل اتجهت اليوم إلى مواكبة هذا التطوير التقني واستخدام الشبكة للترويج فأصبحت تلجأ وبشكل تدريجي للترويج للأخبار من خلال وسائل التواصل الإجتماعي الحديثة، بل إن القنوات الفضائية والتي كانت تستخدم الفضاء للبث أصبحت موجودة اليوم على شبكة الإنترنت وبتكلفة أقل بكثير ليقدموا برامجهم عن طريق اليوتيوب أو غيرها من البرامج المختلفة وبدون رقابة أيضاً.

أصبحنا نعيش في زمن انتهت فيه الأعذار.. ولا يجب علينا أن ننتظر ونتردد لنحقق طموحاتنا وأحلامنا ولا يجب أن نسوف وندع الآخرين يسبقوننا لتحقيق الإنجازات فقد أصبحنا في عالم مهيأ تماماً لكي نحقق من خلاله الكثير من الأحداث والطموحات والأهداف والتي كانت في يوم ما مستحيلة.