Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حليمة مظفر

وأخيرًا الموسيقى والمسرح في مدارسنا السعودية

A A
عبر تغريدة في بيت الطير الأزرق «تويتر» نشرها سمو الأمير بدر بن عبدالله الفرحان آل سعود، وزير الثقافة، أشعرتنا بالسعادة؛ حين أعلن عودة الأيام الجميلة في تعليمنا بإعادة الموسيقى والمسرح إلى المناهج الدراسية من جديد، وذلك بعد اجتماعه مع معالي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ، ومناقشتهما عودة الفنون، ومنها الموسيقى، لأنها بالأساس كانت موجودة قبل أربعين عامًا؛ لكنه تم تغييبها لفترة بفعل تيار له مصالح حزبية خبيثة مستغلا تغلغله في التعليم -للأسف الشديد- ممن لوثوا المناهج بتطرفهم واختطفوها من سياقها التعليمي الإبداعي لتحقيق مآربهم، ولكن الحمد لله ذلك الزمن انقضى.

ومنذ انطلاق رؤية 2030 السعودية تعيش تطورًا وتجديدًا على المستوى الثقافي والفكري والإنساني والقانوني؛ منطلقًا من أرضية الدين العظيم دستور هذه البلاد؛ فالفنون والجمال انتعشت وازدهرت في عصور الإسلام الأولى، وكانت أهم أعمدة الحضارة الإسلامية في العصر الأموي والعصر العباسي الأول الذي عرف بالعصر الذهبي، حيث تطورت الفنون والترجمة والتأليف والفلسفة، ولم تتخلف وتنتكس الحضارات الإسلامية الأولى إلا حين تخلت عن التحليق الثقافي الفكري وحطت من قدر أصحابها.

إن تعليم الموسيقى لمن لا يدرك أهميته هو مما يربي الذوق الرفيع والإحساس بالقيم الجمالية في الأشياء من حولنا مهما كانت متواضعة، وهذا ما نفتقده اليوم مع الأسف في كثير من سلوكياتنا وأفكارنا نتيجة التشوه الذي مرّ به ربما جيلان أو ثلاثة بعد أن نشر المتطرفون والمتحزبون تحريم الموسيقى، وأنها تُميت القلب إلى آخر الكلام الذي مرّ علينا في المدارس وغيرها لسنوات طويلة؛ رغم أنها مسألة فقهية خلافية معروفة.

واليوم باتت عودة الموسيقى وأطياف الفنون الأخرى إلى مناهج التعليم أمرًا ملحًا؛ لتنقية الذائقة السمعية والبصرية من التلوث الثقافي الرديء مما تسوقه القنوات التجارية الربحية؛ فالطلاب والطالبات يتعاملون مع الموسيقى خارج مدارسهم بشكل شبه يومي إن لم يكن يوميًا؛ عبر قنوات الإعلام المرئية أو المسموعة والإنترنت وغيرها وهي تقدم الجيد والرديء على السواء، وهذه الحصص الموسيقية من شأنها تهذيب أذواقهم وتمكنهم من الفرز لها.

وبصدق؛ حين قرأت تغريدة سمو الأمير للحظة أعادني سنوات إلى الوراء تأملت فيها ذاكرة تختزن مقالات عدة كتبتها حملت هذا الحُلم سابقًا في جريدة الوطن السعودية؛ خاصة أن جيلي لم يحظَ بذلك وأتذكر أني كنتُ أحلم بتعلم العزف على البيانو حين كنت طالبة متوسطة؛ وأحضر لي والدي -رحمه الله- آلة العزف لكني عجزت عن تعلمها لأنه لم يكن هناك من يمكن أن يعلمني! وتحولت إلى عازفة فاشلة.

إن هذه الخطوة بين وزارة الثقافة ووزارة التعليم خطوة موفقة وتعزيز للتعاون الاستراتيجي الذي عززته رؤية 2030 بين الوزارات والمؤسسات الحكومية؛ وتدريس الموسيقى لها من الأثر النفسي ما يحقق التوازن الوجداني وتهذيب السلوك وتنمية الإحساس وتطوير الدماغ وتحسين سلوك المراهقين كما أثبتته الدراسات العلمية خاصة عند الأطفال في المرحلة الابتدائية، وهي خطوة مهمة أيضًا لاكتشاف المواهب الفنية من أجل تقديمها لوزارة الثقافة والتي بدورها ستصقلها وتعززها وتبني بها فِرقًا وطنية موسيقية ومسرحية تنقل هويتنا الوطني دوليًا وتعززها محليًا، فالموسيقى لغة عالمية لا تحتاج إلى ترجمة، كما أن التراث السعودي الموسيقي غني جدًا، وإن شاء الله سيكون القادم أجمل وأبهى.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store