Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد المختار الفال

دعوة «جامعة المؤسس» لتكريم محمد علي حافظ

A A
ارتبط تاريخ الصحافة وتطورها، في المملكة العربية السعودية، بجيل من رواد رسالة الكلمة، يوم كان النهوض بها حملاً ثقيلاً لا يقوى عليه إلَّا (المغامرون)، وقد اختلفت حظوظ ذلك الجيل من النجاح والاستمرار والشهرة، ومن الذين واجهوا التحديات -رغم قلة ما في اليد- آل حافظ، فقد أسس الأخوان السيدان علي وعثمان حافظ صحيفة «المدينة المنورة» في ظروف بالغة الصعوبة، روى تفاصيلها السيد عثمان حافظ في كتابه المرجع (تطور الصحافة في المملكة العربية السعودية: جزءان)، وبمبادرتهما الرائدة، قامت منصة إعلامية التفَّت حولها الطليعة المثقفة من أبناء المدينة النبوية، وفتحت صفحاتها لكل أبناء البلاد للمشاركة في مسيرة تطور الوطن كله.. وعلى يد الجيل الثاني: السيدين هشام ومحمد علي حافظ شهدت هذه الصحيفة مرحلة النضج والفاعلية والتأثير والتميز، ولم يكتفيا بما تحقق في صحيفة «المدينة المنورة» من نجاح مهني، فقد أدى بهما الطموح واستشراف المستقبل إلى تأسيس الشركة السعودية للأبحاث والنشر، التي أحدثت تحولاً جذريًا، عبرت به الصحافة السعودية الحدود إلى آفاق أوسع، وسجلا باسميهما «أوليات» كثيرة في هذه الصناعة المتجددة، ومن تلك «الأوليات» الرائدة الخالدة دعوة السيد محمد علي حافظ رئيس تحرير «المدينة»، أصغر رؤساء التحرير حينها، في وقت مبكر لم يعرف المجتمع حديث «الخصخصة» ولا عناوين «المسؤولية الاجتماعية»، إلى ضرورة مساهمة الأهالي مع الدولة لتوسيع قاعدة التعليم الجامعي.. كتب في زاويته اليومية «صباح الخير» على الصفحة الأولى من هذه الجريدة يوم الثلاثاء 29 محرم عام 1384 هجرية الموافق 9 يونية عام 1964 ميلادية، يدعو إلى إنشاء جامعة أهلية في جدة، وأن الدولة يكفيها، أن تولي اهتمامها لجامعة الرياض، حتى تستوفي مقومات الاكتمال.. وعلل الدعوة بأن «مدينة كبيرة كجدة لديها من المقومات والمجالات والإمكانيات ما يعتبر مناخًا صالحًا لنمو جامعة أهلية تتطور مع تطور المدينة، وتستطيع أن تلبي حاجتها وحاجة المناطق المجاورة من الخريجين، فجدة تعتبر اليوم أكبر مدن المملكة وموانئها.. وتتركز فيها كثير من النشاطات الأهلية والحكومية، وهي همزة من همزات الوصل الهامة التي تربطنا بالعالم الخارجي، وهي المركز الرئيس للإعلام والصحافة والنشاط السياسي والطباعة والطيران والبنوك والشركات». ودعا إلى قيام «لجنة أهلية من المفكرين ورجال الأعمال يضعون أمامهم هذه الفكرة ويعملون على تنفيذها، وأغنياء هذه المدينة كثيرون، والحمد لله، ولا أعتقد أنهم سيترددون في الإنفاق على إنشاء هذه الجامعة حتى تصبح حقيقة عظيمة مشرقة، يسددون بها جزءًا من حق الوطن».. وتوجه بدعوته إلى «من أنعم الله عليه بنعمة العلم، ومن منحهم الله سعة في الرزق أن يتقدموا الصفوف ليقدموا لأمتهم عملاً خالدًا»، وختم مبادرته التاريخية بالتأكيد على أن «أمتنا، وهي على أعتاب مستقبل عريض، في حاجة إلى أكثر من جامعة، والإسراع في إنشاء هذه الجامعة ليس نوعًا من الترف وإنما إعداد للمستقبل».

وبادر ت كوكبة من أعيان هذه المدينة الحية، صانعة أسباب التطور، إلى التفاعل مع الدعوة، وقامت الجامعة واحتضنتها الدولة لتكون جامعة الملك عبدالعزيز، واحدة من كبريات جامعات الوطن.

والآن نسأل: ماذا قدمت الجامعة لهذا الصحفي الرائد صاحب دعوة إنشائها يوم كان المشروع حلمًا؟، هل أطلقت اسمه على مسرح كلية الآداب أو إحدى كبريات قاعاتها؟، لماذا لا يكون هذا الرائد وتاريخه ومدرسته الصحفية موضوعًا لرسالة ماجستير، لأحد النابهين من طلاب قسم الإعلام في الجامعة؟، ولماذا لا تمنح الجامعة الدكتوراه الفخرية لمن كان سببًا في إثارة الهمم والدعوة لقيام هذا الصرح العلمي الكبير؟.

أرجو أن تتدارك الجامعة ما فات وتكرم هذا الرائد ترسيخًا لمعاني الوفاء، في المجتمع، وتقديرًا لأصحاب المبادرات لتظل مبادرات الأجيال متتابعة في خدمة وطنها العزيز.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store