Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

ماذا بعد أزمة الاقتصاد الحالية؟

A A
يتفق المحللون بأن أزمة الاقتصاد الحالية ستُحدث تغييرات جذرية على الاقتصاد العالمي وتضطر الدول لإجراء تعديلات كبيرة في مجالات الإنفاق وتمويل مشروعات التنمية وقد تلحق إعادة النظر في بعض مشروعات الخصخصة.. انعكاسات التعديلات على نمط الإدارة السياسية انطلاقًا من انعكاسات تجاوب الدول لأزمة جائحة كورونا ستكون محركًا رئيسًا للتغيير.. النموذج الرأسمالي السائد خلال الأزمة وقبلها سيتمسك بالاستمرارية لأن البديل غير متوفر ولأن كل وسائل الحياة تكيفت حول المعايير الرأسمالية بعد أفول النموذج الاشتراكي الذي ما زالت آثاره موجودة في بعض دول أوروبا الشرقية وآسيا.. على وجه الخصوص روسيا والصين ولكن التحول بدأ بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وتحطيم جدار برلين والتدرج في نماذج الشركات المختلطة محليًا وعابرة القارات..

انتقال الصناعات من أمريكا وأوروبا إلى الصين وبعض الدول الأخرى في آسيا وأمريكا اللاتينية أعطى فرصة ثمينة للصين استفادت منها لتشغيل عمالتها وتنمية مهاراتها حتى أصبحت مصدرًا رئيسًا لإنتاج بضائع كانت محتكرة في دول العالم الأول وأصبحت الصين المنافس الرئيس على الصدارة بين اقتصاديات دول العالم الأول مثل اليابان وأمريكا وكندا ودول أوروبا الغربية.

الرئيس الأمريكي ترامب من بداية ولايته بدأ ترتيبات جديدة بشعار «أمريكا أولًا» برغم كل الصعوبات التي يواجهها من الإعلام والحزب الديموقراطي في الداخل والصورة السلبية التي يعكسها عن أمريكا في الخارج خاصة وإنه على الدوام يلوح بالعصا الغليظة بدلًا من الدبلوماسية الناعمة.. المنافسة مع الصين حقيقية وفي الدرجة الأولى اقتصادية وصناعية ولكن التفوق الأمريكي ما زال في المقدمة مع ان الأزمة الحالية تهدد بتغيير أصول اللعبة ورغم ذلك ما زالت الولايات المتحدة الأمريكية تملك خيوط اللعبة متى جمعت كل قواها وخرجت من أزمة كورونا بأقل قدر من الخسائر وهذا ما يدفع الرئيس ترامب إلى الاستعجال في فتح الاقتصاد والعودة إلى العمل كما يسميها وهذا الرأي مشترك بين كل دول العالم التي تضررت من جائحة كورونا لأن الخسائر جسيمة وقد يكون من الصعب العودة إلى ما كانت عليه الأمور قبل الأزمة.

هناك أسئلة كثيرة تفرض نفسها: منها كيف يُقدر تأثر النظام العالمي ومن سيدفع الثمن؟.. وهل ستكون المنظمات الدولية التي تدعمها دول العالم الأولي قربانًا لمائدة خالية من الدسم أي عدم القدرة على استمرار التمويل كما فعل ترامب مع منظمة الصحة العالمية وقبلها اليونسكو؟ أم أن هناك توجهًا لصياغة جديدة للنظام العالمي المستقبلي؟

الحدث ضخم ولكن هل يرقى إلى مستوى ما بعد الحرب الكونية الأولى والثانية؟ أم أنه أقل وتستمر الأمور لنصف قرن آخر وأزمة أخرى تفرز نظامًا عالميًا جديدًا بمقاسات يفصلها المنتصر؟ كل شيء وارد وممكن ولكن الواقع أن أمريكا ما زالت الأقوى.. والأقدر لتقرير مصير الاستمرار والخروج من الأزمة الاقتصادية وتداعياتها على العالم؟ التقنية والفكر الجديد وباقي القوى الناعمة تشي بأن المستقبل يعد بالتغيير ولكن التحول من سيفرضه لأن الحرب ليست حربًا تقليدية تفرض على المهزوم الاستسلام والمنتصر يفوز بالغنيمة.

الإعلان عن وجود علاج على يد أمريكا قد يخفف من تداعيات الأزمة ولكن حجم الخسائر جسيم والصراع في داخل أمريكا على من سيفوز في الانتخابات المقبلة؟ وهل ستستمر أمريكا في توجهاتها الخارجية كما هي؟ أم أن هناك توجهًا جديدًا تستعيد به قدرتها على التعامل مع مراكز القوة العالمية بنظرة توافقية بدلًا من العصا الغليظة التي اتصفت بها ولاية ترامب الأولى؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store