Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

الأندية الأدبية.. الحل ليس هو الحل!

A A
كمثقفين وأدباء، مرتبطين بالأندية الأدبية، كنا نتجاهل الهمس الذي يدور -أحيانًا- حول تخلي وزارة الثقافة عن مسؤولية الأندية الأدبية، وتركها تموت موتًا بطيئًا، أو أنها اتخذت قرار إعدامها، كأحصنة هرمة، تطلق عليها رصاصة الرحمة، وتنتهي كأنها لم تكن، لأنه لم يصدر قرار رسمي عن الوزارة!

الهمس أصبح صوتًا جهوريًا، عند عرض التقرير السنوي الأول لوزارة الثقافة في مجلس الشورى الموقر، ونشرت مناقشته في صحيفة الرياض، الثلاثاء، 14 يوليو 2020م/ 23 ذو القعدة 1441هـ، بعنوان: «إستراتيجية الثقافة تحت مجهر الشورى»، فجاء تفاعل بعض أعضاء المجلس مع الدراسة حول: «واقع المؤسسات الثقافية غير الربحية»، تمثيلًا حقيقيًا لصوت المثقف.

الدكتورة حنان الأحمدي، توقفت عند المبررات التي وردت في تقرير وزارة الثقافة، وهي: أن تجربة هذه المؤسسات متواضعة! أثرها الثقافي والاجتماعي غير معروف! وبناء على ما سبق فإن خيارات الوزارة المطروحة هو حل الأندية الأدبية!!

هل يمكن هدم بناء قائم، وتاريخ عريق، بناء على تلك المعطيات؟

الأمر بحاجة إلى إعادة التأهيل، وإزالة أسباب تراجع بعض الأندية الأدبية، وإعادة ضخ الدعم كي تستمر في القيام بدورها بعد تصحيح مناطق الخلل التي يشكو منها المثقف بينما وزارة الثقافة والإعلام التي كانت الأندية الأدبية في نطاقها لا ترى ولا تسمع.

ولأن طرح الدكتورة حنان الأحمدي يمثل صوت المثقف الواعي المدرك لدور المؤسسات الثقافية ذات الشخصية الاعتبارية والتي تتمتع باستقلالية بعيدًا عن البيروقراطية التي كانت تكبل الأندية الأدبية في الحقبة السابقة، أعيد طرح تساؤلها: لماذا تبدأ الوزارة من الصفر..؟ بينما الخيار الإستراتيجي المستدام هو دعم المناشط والمبادرات الثقافية القائمة ووضع الأطر التنظيمية لها وتوجيهها ورعايتها، كما ورد في مداخلة الأحمدي.

إذن، النية التي أضمرتها وزارة الثقافة ظهرت وأعلنت بشكل صادم للمثقف الذي تربطه علاقة وثيقة بالأندية الأدبية، والمثقف الذي شهد حراكها منذ تأسيسها عندما عرضت كفكرة، عام 1975م، ثم بدأ تنفيذها في عدد من المدن، وفي مرحلة لاحقة استكمل المشروع في معظم مدن المملكة.

إذا كانت أنشطة بعض الأندية أو جميع الأندية الأدبية لا ترقى إلى خطط وطموحات الوزارة، فالحل ليس هو الحل، بل يكمن الحل في معرفة أسباب ضعف أنشطتها، وتطوير مهارات إدارتها أو تغيير الإدارات وإعادة العملية الانتخابية على أن تكون بإدارة المثقفين المخضرمين في المنطقة المعروفين بحياديتهم ووطنيتهم وتقديرهم لأهمية مثل هذه المؤسسات الثقافية.

بالنسبة لنادي جدة الأدبي، فهو يمثل ورشة عمل كبيرة لمختلف الأنشطة الثقافية بعد أن سمح رئيس النادي الدكتور عبدالله عويقل السلمي -شافاه الله وعافاه- للمثقفين بإدارة أنشطة مختلفة، أصبح النادي لا يصمت على مدار الأسبوع، والصالون الثقافي الذي واجه معارضة في بداية انطلاقته من عدد أقل من أصابع اليد الواحدة بحجة تكريس الفصل أستمر يحصد النجاحات على مدى سنوات بواقع لقاءين في الشهر بحضور كثيف من المثقفات من جدة ومكة وأحيانًا من المدينة المنورة، لتميز الموضوعات والمتحدثين وآلية التفاعل بين الحضور، حتى تحوله إلى صالون ثقافي يسمح بحضور مشترك، مواكبًا رؤية 2030.

منتدى عبقر، الفنون البصرية، المسرح، رواق السرد، إيوان الفلسفة، فعاليات متنوعة تستجيب لمختلف التطلعات والرغبات، لم تتوقف إلا مع جائحة كورونا كما توقفت جميع الأنشطة البشرية في العالم أجمع، رغم أن بعضها مستمر عن طريق قناة خاصة، مثل منتدى عبقر.

من يطالب بإلغاء الأندية الأدبية من المثقفين، ومن ينتقد أداءها؛ ابحثوا عن أسبابه الشخصية!

بعض المثقفين مصاب بالكبر والنرجسية، فلا يرى مثقفًا غير ذاته، ولا يجد في غيره استحقاقًا لدخول الأندية الأدبية، فإذا اكتشف، أن النادي الأدبي يفتح صدره رحبًا للجميع، تعالى وابتعد، ونادى بالويل والثبور وعظائم الأمور!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store