Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

قراءة لمفهوم توازن القوى

A A
تُعرَّف القوة في العلوم السياسية على أنها القدرة على التغيير بقوة السلاح أو بالإكراه أو بالضغط بشتى الطرق. قوة السلاح معروفة حيث ينبغي أن يكون لدى أحد الأطراف سلاح نوعي يعطي ميزة التفوق على الخصم. وحيث إن منظومة القوة تتشكل من مجموعة من المؤسسات العسكرية.. جوية وبرية وبحرية وشبكة اتصالات ومنظومة للقيادة والسيطرة التي تتحكم في المراقبة جوًا وبرًا وبحرًا على مدار الساعة.. تراقب المنافذ وتعطي إنذارات مبكرة سريعة التأهب للتصدي لأي عدوان خارجي.. كما نشاهد في النزاع مع اليمن حيث التصدي لطائرات بدون طيار ومقذوفات وصواريخ بالستية تستهدف المدن والمواقع الحيوية في المملكة العربية السعودية.

هذه توطئة مختصرة للحديث عن توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط، حيث نجد أن هناك خللًا خطيرًا يهدد الأمن والاستقرار والسلم المحلي والإقليمي والعالمي بحكم أن المنطقة ذات أهمية قصوى بموقعها الإستراتيجي وحجم مخزون الطاقة البترولية والغازية والممرات المائية مثل مضيق باب المندب مرورًا بقناة السويس ومياه الخليج العربي ومضيق هرمز. هذا ما يؤكد أهمية المنطقة منذ القدم بالإضافة إلى العوامل الدينية مهد الحضارات الإنسانية حتى أصبحت منطقة جذب وتواصل روحي ومادي لكل سكان الكرة الأرضية. والدول الكبرى تحرص على التواجد والمشاركة والتفاعل مع كل ما يدور في المنطقة من صراعات وتقلبات سياسية تؤثر على تدفق التجارة العالمية وسهولة الملاحة في المياه الإقليمية والدولية.

عدم التوافق بين الأنظمة السياسية نتج عنه سوء إدارة شؤون المنطقة محليًا ومع القوى الخارجية مثل روسيا والصين وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ذات المصالح المشتركة والتي تتصارع من أجل مصالحها ونفوذها في المنطقة مما حولها إلى لعبة شطرنج كل يرمي بسهامه ليزيد من حصته على حساب دول المنطقة.

إيران وإسرائيل وتركيا ثلاث دول إقليمية ذات تناقض حضاري فيما بينها مع الدول العربية، وكل واحدة من الدول الثلاث أيضًا تريد التوسع والهيمنة على حساب الدول العربية. غياب قوة عربية رادعة تتصدى للأطماع الخارجية شجع إسرائيل على التمادي في التوسع وعدم قبول حل عادل للقضية الفلسطينية وتفعل ذلك بحماية من أمريكا التي تحرص على أن يكون ميزان القوى في صالح إسرائيل. وإيران تتسلل من باب النزاع الطائفي في العراق وسوريا ولبنان واليمن، واتفاق 5+1 فتح لها باب تطوير سلاح نووي وصواريخ بالسيتية بعيدة المدى تخل بميزان القوى في المنطقة بشكل خطير. تركيا عضو في حلف الأطلسي (النيتو) وبعد مرور مائة عام على تفكك الدولة العثمانية يريد أردوغان إحياءها من جديد على حساب دول الجوار وأصبح مثل الثور الهائج الذي يحاول الضرب في كل الاتجاهات ولديه أيضًا من الأسلحة ما يخل بتوازن القوى في المنطقة.

النظام العالمي برمته يعيش مرحلة اضطراب سياسي وانكماش اقتصادي، والولايات المتحدة الأمريكية المفترض أنها الضامن الأساسي للسلام في العالم في أسوأ حالاتها في المرحلة الحالية والعالم ينتظر نتائج الانتخابات الرئاسية القادمة، ومع ذلك فإن كل التوقعات تشير إلى استمرار الأزمات العالمية بسبب وباء كوفيد-19 الذي هز العالم وتسبب في وفاة ما يزيد على مليون من كل الجنسيات وإصابة ما يزيد على ثلاثين مليوناً ولم يوجد له لقاح معتمد بعد.

إن خطورة اختلال ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط التي تعد مركز الثقل للطاقة العالمية والممرات الإستراتيجية للتجارة العالمية ومنها تدفق البترول والغاز إلى كل مناطق العالم الجغرافية أصبحت المنطقة معه مهددة بالوصول إلى نقطة الاشتعال الذي قد يسبب كارثة إنسانية تصل آثارها كل دول العالم .. فهل من حكمة لتدارك ذلك؟.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store