Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

الكون لا يحتمل الآن فيروسات الرئيس ماكرون!

إضاءة

A A
تدريجياً بدأت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فيما يتعلق بالإسلام تفوح بالعنصرية، في وقت يعاني فيه العالم كله من فيروس كورونا ولا يحتاج الى فيروسات أخرى تثير الفتنة!.

ومن وصم الإسلام بالارهاب، الى ضرورة "التصدي للانعزالية الإسلامية" الساعية إلى "إقامة نظام موازٍ" و"إنكار الجمهورية"، مضى الفيلسوف الجديد يتحدث عما أسماه "ثمة في تلك النزعة الإسلامية الراديكالية، معتبراً أن الإسلام "ديانة تعيش اليوم أزمة في كل مكان في العالم".

ويبدو جلياً أن ماكرون المصرفي الاستثماري السابق، الذي تخرج من المدرسة الوطنية للإدارة في 2004، وأصبح مفتشًا ماليًا قبل أن يبدأ في 2008 العمل كمصرفي استثماري هو الذي لديه أزمة نفسية.

فإن قلنا إنه دخل حلبة السياسة، فقد دخلها من بوابة الاقتصاد والصناعة وليس من بوابة ثقافية أو فكرية أو حتى اجتماعية!.

لقد جاءت التصريحات الأخيرة لتثبت تفوق ماكرون على مرشحة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة مارين لوبن ابنة زعيم المتطرفين لوبن التي خاف منها الفرنسيون كلهم وليس المسلمون منهم فقط!

ومن الواضح كذلك أنه لم يقرأ سطراً واحداً لمواطنه الفيلسوف لامارتين الذي قال: إن العنصرية والخداع والكراهية، وكل تلك الصفات، هي ألصق بمن وَصف بها محمد بن عبد الله نبي الإسلام، أو لمواطنه الفيلسوف جوستاف لوبون الذي قال: رسول كهذا جدير باتباع رسالته، والمبادرة الى اعتناق دعوته. أو لمواطنه الفيلسوف توماس كارليل، الذي حسمها بقوله: ما الرسالة التي جاء بها محمد إلا حق صراح!.

والحق أن الرئيس ماكرون، على غير المتوقع، تجاوز نقد أو مهاجمة الحجاب والمآذن وغيرها من أشكال إسلامية الى الاسلام نفسه، ناشراً الفيروسات الفكرية في أنحاء العالم.

زرت فرنسا كثيراً، ومشيت في شوارع أحياء المسلمين الفرنسيين، ودخلت بيوتهم، وهي الأجدر بلفت انتباه ماكرون، وهو يتحدث عن العنصرية. وبالأمس القريب كتبت تحت عنوان "المهاجرون لا يأكلون وسط المدينة" وقلت إن هذا ليس فيلماً سينمائياً جديداً من أفلام التمييز العنصري، لكنه فيلم واقعي تدور أحداثه الآن في مدينة كاليه الفرنسية، حيث قررت السلطات المحلية حظر تقديم الطعام للمهاجرين وسط المدينة!.

ثم أشرت قبل أسبوع من تصريحات ماكرون، الى عدم ضبط المصطلحات الفرنسية أو ما نسميه بالتهجيص، حيث اختار وزير داخلية ماكرون توقيت زيارته لمعبد يهودي في بولونيه - بيانكور قرب باريس ليقول: «نحن هنا لتذكير الفرنسيين بالواقع.. نحن في وضع دقيق جداً، نحن في حرب ضد الإرهاب الإسلامي، وربما قمنا بشكل جماعي بتناسي ذلك إلى حد ما، وإن اليهود بشكل خاص هم هدف للهجمات الإسلامية»!.

وقلت فيما قلت: أخشى أن يكون المسؤول الفرنسي عمد إلى تقليد بعض المسؤولين المسلمين في دول إسلامية، والذين يحلو لهم الربط بين صحيح الدين الإسلامي وبين الإرهاب، والخلط بين اليهودية التي نجلها، وبين الصهيونية العالمية!.

وقبلها أشرت في مقال آخر، الى عنصرية فرنسا في التعامل مع جماجم المجاهدين بوصفها أعمالًا فنية! يستوي في ذلك عندي جماجم المجاهدين الجزائريين والمصريين والفلسطينيين ومجاهدي بنين!.

تلك هي العنصرية الحقيقية التي يجب أن ينتبه اليها ماكرون، بدلاً من نشر فيروسات الفتنة!

والخلاصة إن أقوال الرئيس تتجاوز سخف الرسومات الكاريكاتورية الصادرة عن جريدة "شارلي ابدو" وغيرها، والتصريحات والأفاعيل البغيضة الصادرة عن داعش! ومن ثم ينبغي أن يراجع نفسه سريعاً مثلما فعل سابقوه ساركوزي وهولاند!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store