Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

القراءة الأقل قد تجعلك أكثر ذكاء!

A A
* لا تحسب عدد الكتب التي قرأتها بل احسب عدد التي وصل منها إلى قلبك.

* هذه العبارة غيرت أسلوبي في القراءة منذ سنوات، فلم أعد أهتم بعدد الكتب التي أقرأها قدر اهتمامي بما تركته فيّ من أثر، بغض النظر عن جانب الوقت الذي تصالحت معه تماماً، فليس من المعيب أن تكون قارئًا بطيئًا، ما دمت قارئاً جيداً.. لقد أصبحت مؤمناً بقوة (القراءة الهادئة) في التأثير الأكثر عمقاً على البشر.. فالبشر جيدون في القراءة وربما الفهم، لكنهم ليسوا كذلك في تطبيق ما يقرأونه على حياتهم الواقعية، على سبيل المثال أكثر الكتب مبيعاً حول العالم هي التي تدور حول تكوين عادات جيدة وجديدة؛ مثل كتب (كارنيجي) و(ستيفن كوفي) التي قرأها ومازال يقرأها الملايين حول العالم، لكن على الرغم من ذلك لا يزال السواد الأعظم منهم يحتفظون بعادات سيئة، بما فيهم أنا وأنت!. ربما يعود ذلك لابتلاعنا كميات كبيرة من المعلومات لم تسمح للجيد بالثبات والاستقرار!

* ينصح الكاتب والسياسي البريطاني الشهير (ونستون تشرشل) الشباب بعدم قراءة كتب كثيرة في مقتبل حياتهم، حتى وان كانت كتبًا جيدة.. ويستشهد بشاب قرأ جميع الكتب المهمة، لكنها لم تترك أثرًا جيدًا عنده.. يقول تشرشل: تناقشت معه حول الكتب التي قرأها، فوجدت لها أثراً عكسياً!.. ويعلل ذلك بأن قراءة الكتب الدسمة والمعمقة في مرحلة مبكرة من حياتنا غير مفيد لأننا لن نفهمها في الغالب على حقيقتها، والمشكلة أن الإنسان يعتبر نفسه قد قرأها ويمكنه أن يشير في أحاديثه إلى عناوينها، ولذلك نادرا ما يرجع إلى قراءتها مرة أخرى، ويضرب مثلا بالطعام، فأكل كمية مناسبة منه مفيد، ولكن ابتلاع كميات كبيرة دفعة واحدة ضار جداً.

* مع اقتراب بداية العام تزداد في الغرب النصائح والنشرات بعناوين كتب للقراءة للعام 2021، طبعاً لا وجود كبيرا لهذه الدعوات في عالمنا العربي ومع هذا أقول يمكن لبعض الكتب أن تغير حياتنا للأفضل شريطة أن نعرف كيف نتعامل معها وكيف نقرأها.. لا تهتم لدعوات (أصحابنا) دخلاء التنمية الذاتية وبرامجهم للقراءة السريعة، إنهم يخدعونك حين يقولون إذا كنت لا تقرأ كتابًا كل أسبوع فأنت خاسر، هؤلاء (مهايطية ثقافة) يهتمون بالكم أكثر من الكيف، تمسك بمفهوم القراءة المبسطة، التي تمنحك المزيد من حرية الوقت مع الفائدة.. لا يهم أن تتحول من قارئ نهم إلى قارئ بطيء، ولا يهم أن تقرأ أقل، فهذا البطء قد يجعلك تنمو بشكل أسرع.. لا تتردد في إعادة القراءة، فإعادة القراءة هي أداتك الأكثر نجاعة للتركيز والاستيعاب.

* هذه ليست دعوة لهجر القراءة، فنحن على العموم من أقل خلق الله ميلاً لها، بل هي دعوة لقراءة فعالة ومثمرة.. اقرأ ما تريد طالما كنت تحافظ على معدل استيعاب جيد، 20 كتاباً في العام معدل جيد إن حافظت على بروتكولات قرائية مثمرة.. القراءة الأقل قد تمنحك الفرصة لتطبيق ما تقرأه من مفاهيم في حياتك، تخلص من الرغبة في القراءة من أجل (الهياط).. اقرأ لتتعلم.. اقرأ لتثري حياتك.. اقرأ لتتطور.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store