Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

احترم مائة ألف دقة يدقها قلبك كل يوم!

A A
قد لا يعرف كثيرون أن أول رئيس تحرير لمجلة العربي التي تربت عليها أجيال وأجيال، وفي كنفها شب شعراء وقصاصون وروائيون، هو كيميائي مصري، ومؤسس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في مصر (1894م، 1975م).

والحق أنني ظللت أتعامل مع إنتاجه الأدبي باعتباره من أعلام النهضة الأدبية الحديثة في العالم العربي، وزميلا تربويًا للأستاذين عباس محمود العقاد صاحب «العبقريات» وأحمد حسن الزيات صاحب «مجلة الرسالة».

وفيما كنت أتأمل في صورة الخلية البشرية التي وصلتني من الشيخ طلال زاهد، وكيف ظهرت وكأنها مدينة جميلة تضم كل المرافق، أو مصنع متقن التصميم يقوم بكل مهامه في تنسيق بديع، تذكرت نفس التشبيه الذي استخدمه الدكتور زكي وهو يصف لنا الدورة الدموية باعتبارها شبكة مواصلات رائعة في جسم الإنسان.

وفيما تبدو هذه الدورة في جسم الحيوانات الصغيرة قليلة الخلايا، كقرية، حيث يمر البائع ببضاعته محمولة على عربة في طريقه الواحد، فلا ينتهي منه حتى تكون توزعت منه كل حاجات الناس على جانبي الطريق، فإنها في جسم الإنسان مدينة كبرى! وفي المدن تتحرك المواصلات من عربات وسيارات، مخترقة الشوارع والميادين والأزقة، فإذا ما توقف المحرك الذي هو القلب، فليس له رجوع!

رجعت لوصف القلب، بقلم الدكتور أحمد زكي، تلك المضخة التي تضخ الدم، وبه أسباب الحياة إلى الجسم كله، ويبلغ وزنه أقل من رطل، وحجمه نحو قبضة اليد أو يزيد قليلا! والدم يخرج من القلب ويتم دورته في دقيقة واحدة!

إن مقدار الدم في الجسم الذي يزن 70 كيلو جرامًا يبلغ نحو 6 لترات، وفي هذه الدقيقة الواحدة تمر هذه اللترات من الدم كلها في قلب الإنسان، وهو ساكن مرتاح، أما إذا زاد مجهود يبذله الإنسان، فالطبع يزيد مقدار الدم الذي يضخه القلب.

والرجل عند بلوغه السبعين من العمر يكون قلبه قد ضخ من الدم أكثر من 400000 طن من الدم!

والقلب يأخذ في الدق قبل الولادة بأشهر، وقلب الطفل يدق 130 دقة في الدقيقة تنقص إلى 70 عند البلوغ، على السكون والراحة، وتبلغ دقاته بذلك في اليوم الواحد أكثر من 100000 دقة.. ولا يرهق ذلك القلب، فهو يواصل دقاته على السنين وهي تبلغ 36000000 دقة في العام، أي نحو 2500000000 في العمر المتوسط للإنسان!

الآن، وفي ضوء ذلك، ورغم ما يعصف بنا من أحزان الفقد، أقول لك، سواء كنت تعرف هذه الحقائق من قبل أو لا تعرف، لا فرق، فالمهم في كل الأحيان والأحوال، أن تكون على يقين بان ما أصابك لم يكن ليخطئك.

فقط، انتبه، وأنت تجري وتحسب وتقسو على نفسك وغيرك، لدقات قلبك! املأه بالرضا والقناعة والحب والصفح والتسامح.. وباليقين، حيث لن يفيدك العد! يزيد الأكسجين أو ينقص في الدنيا، لن ينفعك في مماتك، فالمهم لقاء الله بقلب سليم.. ولكي يظل سليمًا عليك أن ترضى بما كتبه الله عليك.. هنا قمة التسليم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store