Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

دول مجلس التعاون مصيرها واحد

A A
عندما أُسس مجلس التعاون الخليجي في 25/5/1981م الذي يضم ست دول عربية (الإمارات والكويت والسعودية وقطر وعُمان والبحرين) كانت الرؤية واضحة بأن المصير والمستقبل واحد لا جدال فيه، يعزز تلك الرؤية الروابط الأسرية والجغرافية واللغة والتاريخ المشترك مهما كان حجم التحديات ومتطلبات الصمود لها. وأي كيان ناجح عادة ما يكون عرضة للنقد والاهتزاز بين حين وآخر، ولكن حكمة القيادة وجدوى الرؤية التي بُني عليها تكوين المجلس عادة ما تعيد الأمور إلى موازينها ومكانها الصحيح.

وجود الثروة النفطية من أهم مقومات الاستمرارية وقدرة الإنفاق والثبات أمام التحديات. النهضة التنموية الشاملة أحد مظاهر الحياة والنقلة النوعية والإنجازات التي تحققت خلال الأربعة عقود الماضية في دول مجلس التعاون أصبحت نموذجاً عالمياً يُشار إليه بإعجاب، والقادم سيكون أعمق وأجمل وأكثر جاذبية بإذن الله تعالى، من برج خليفة في دبي إلى العلا ومشروع نيوم العملاق على شواطئ البحر الأحمر وفق رؤية 2030 في المملكة العربية السعودية.

هذا من حيث النماذج المعاصرة، وإذا تحدثنا عن التاريخ فإن الجزيرة العربية وأرض الحرمين الشريفين مركز الثقل الإسلامي في مهبط الوحي بمكة المكرمة ومرقد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام بالمدينة المنورة ميزات وهبة منحها الله الأرض وسكانها وشرفهم بخدمتها، والحفاظ عليها واجب ديني في المقام الأول وإنساني في المقام الثاني، وفي هذا الجانب يأتي دور دول مجلس التعاون للتآزر حول جوهر المضمون والمحتوى انطلاقًا من رؤية تكوين المجلس وضرورة استمراريته. وقد كان أكبر اختبار لمجلس التعاون حرب الخليج الأولى وبعدها احتلال الكويت وحرب الخليج الثانية وسيشهد التاريخ أن القيادة الحكيمة كانت في الموعد، وشواهد النجاح تشكل مرجعية للأجيال القادمة حتى لا تنسى أن مصيرها واحد مهما حاول الطامعون التدخل وشق الصف. ومجلس التعاون صمام أمان يجب المحافظة عليه لأنه الضامن للسيادة والاستقلالية والتنمية المستدامة والأمن والاستقرار.. والنجاح شاهد للعيان لا جدال فيه.

التباين في وجهات النظر وارد واختلاف الآراء كذلك ولكن عندما يكون الاحتكام لأصل الرؤية وضروريات استمرارها بعيدًا عن السموم المشبوهة التي تبثها بعض وسائل الإعلام بأجنداتها الخفية، حينئذ تسود الحكمة وتُعيد الأمور إلى نصابها، ولكل جيل من أبناء المنطقة وقيادتها دوره في مواصلة المسيرة والحفاظ عليها.

الجوار الإيراني سيظل تحدياً مقلقاً بتدخلاته في العراق وسوريا ولبنان واليمن سعيًا للهيمنة على المنطقة بوسائل الإرهاب المتعددة، ولا مجال لمواجهة ذلك التحدي إلا بوحدة الصف الخليجي والعمق العربي الشريك الرئيسي في كل هموم المنطقة والعالم العربي من المحيط إلى الخليج. مسؤولية العرب -كل العرب- أمام العالم الإسلامي عظيمة ولا يمكن السماح لأسباب عاطفية أو رغبات طائشة أو سوء فهم عابر أن تؤثر على دور كل الدول العربية للحفاظ على توثيق العلاقات مع العالم الإسلامي بحكمة واستراتيجية موحدة في الأطر الثنائية ومتعددة الأطراف في كل المحافل الدولية التي تتطلب التعاون والتآزر والعمل المشترك في الشؤون الدولية حتى تكون رافدًا إيجابيًا لمسيرة مجلس التعاون الخليجي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store