Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

الحُبّ في قُنْ الدجاج!!

A A
في المسلسل التلفزيوني التركي «إخوتي» مواعظ اجتماعية كثيرة، منها أنّ الثراء قد لا يؤلّف بين قلوب أفراد العائلة الواحدة، بل ربّما يُنفِّرها عن بعضها البعض، ويُثير بينها العداوة والبغضاء، وأنّ البيوت الفقيرة تفعم بالحبّ والتسامح والسعادة، وتنبذ الأنانية والغلّ والضغينة!.

وتدور أحداث المسلسل حول زوج يعمل بنّاءً في شركة مقاولات، وزوجته التي تعمل في تنظيف بيوت الأثرياء، ولهما ابنان وابنتان صغار السنّ تتراوح أعمارهم بين التاسعة عشر والسابعة، ويُتوفّى الزوج وزوجته في نفس اليوم بأسباب مختلفة ليس هنا المجال لذكرها، فيجد الإخوة نفسهم فقراء ويتامى في لحظة واحدة!.

ويأتي مالك المنزل الذي يعيشون فيه طلباً للإيجار المتأخّر فلا يجدون لديهم ما يدفعونه إليه، فيطردهم من المنزل في عزّ الشتاء التركي القارس، ويذهبون لمنزل عمّهم الذي لا حيلة له مع زوجته المتسلّطة، لتطردهم هذه الأخيرة مرّة أخرى للشارع!.

ولا يجدون مسكناً يأوون إليه سوى قُن دجاج خشبي متهالك، يخرّ سقفه بالأمطار، وليس فيه تدفئة، ورغم ذلك يعيشون فيه عيشةً مليئة بالحبّ، ويُضحّي الأخ الأكبر ذو التاسعة عشر من عمره بدراسته كي يعمل ويصرف على إخوته ويُصِرّ على إكمالهم للدراسة، ويعتنون جميعاً بأختهم الأصغر المريضة بالالتهاب الرئوي، ويطعمونها بيض دجاج القُنْ والحليب بينما يكتفون هم بالخبز الناشف والعدس، وينامون على سريرٍ واحدٍ هو عبارة عن حصير مفروش على القِشّ وأغطية بالية، وتتجلّى بينهم الرحمة في أعظم صورها، والشفقة التي لو وُزِّعَت على أهل مدينة لوسعتهم، رغم ما تحصل لهم من مصائب، ويقدّمون دليلاً على أنّ الفقر هو فقر النفوس لا الجيوب، وأنّ البيوت المطمئنّة ليست هي الفاخرة، بل ربّما كانت المتواضعة منها هي الأكثر سعادة، وأنّ الحبّ هو ترياق الحياة!.

ولأحد الفلاسفة الهنود مقولة عظيمة تُلخّص هذه الحقيقة الساطعة، وهي أنّه لا يوجد إلّا نوع واحد من الفقر في هذا العالم، وهي عدم قُدرة النّاس على الحبّ!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store