Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

عودة مصر العربية كلها كبرياء!

A A
بات من الثابت عمليًا ونظريًا، أن القاهرة والرياض سيظلان إلى الأبد حصني المسلمين والعرب، نقولها اليوم مثلما قلناها بالأمس، وليس في المناسبات والأعياد.. نقولها على رؤوس الأشهاد.. ولمن ينتظر عثرة من الأوغاد.

دقق معي في البند الثابت في بيانات مجلس الوزراء السعودي والذي يؤكد كل أسبوع وكأنه أذان للتذكير والنداء، إدانة كافة الجرائم والإجراءات الإسرائيلية، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

ثم تابع معي الآن تحركات مصر وحيوتها العربية، ليس على صعيد قضية فلسطين المركزية فقط، وإنما على جميع الأصعدة العربية.. تابع معي مصر الآن وهي تحلق في سماء الوطن العربي الحبيب.. كيمامة بيضاء تتلقى التحية، وتلتقط الحب.

تابعها معي وهي تستأنف المسير، على طريق التضامن العربي، في مسعى يليق بها للتأكيد على وحدة المصير.

لقد ثبت أن كل ما خرج ويخرج من أفواه الداعين لإدارة ظهرهم للأمة العربية بكل همومها هراء، وأن النظريات الشرق أوسطية خارج المحيط العربي محض خواء، انتماؤك العربي وحده وإيمانك بالله قبله، هو الذي يقويك، وهو الذي يجعل العالم يسعى اليك ويناشدك ويحييك بل ويناديك.

هل علمت الآن لماذا قال جمال حمدان في سفره العظيم «عبقرية مصر» إن لمصر انتماء واحدا هو الانتماء العربي، ثم تأتي بعد ذلك دوائر العلاقات الأربع الأخرى؟!

هل علمتم لماذ أكد حمدان وحذر، من أن مصر «مفتاح العالم العربي، إن سقطت سقط، وإذا فتحت فتح.. ولذا كان الاستعمار يركز دائمًا ضربته الأولى والقصوى على مصر، ثم ما بعدها».

رسخ انتماءك العربي بتدريبات من تلك التي تجري الآن مع السودان، وليس في مجرد ركن من ليبيا أو من أي مكان.. تدريبات من النوع العربي الأصيل، تعلو فيها رايات النصر، ويزهو بها النهر.. تدريبات تعلي قيم المجد، وتنتكس فيها رايات المكر والغرور.

تتحرك الرياض منافحة عن تمزق الخليج العربي، ومؤكدة اهتمامها الشديد بالعراق، بل بسوريا ولبنان، فلا مثلثات ايرانية في الساحة العربية، وتتحرك القاهرة في السودان وفي تونس وفي الجزائر وفي ليبيا الجديدة المستقلة.

سيقول الشامتون والغوغاء، أن عودة مصر بقوة للمحيط العربي كله انحناء، فقل لهم إن سماحة مصر وصفحها وصلحها بل وتراجعها عن الخصومة، إن سميته تراجعًا، هو كبرياء.. نعم كل خطوة نحو لم الصف العربي قمة في الكبرياء.

اقرأ معي رائعة أمير الشعراء عن علاقة مصر بالأقصى.. علاقة فُصمت عُرى أسبابها.. كانت أبر علائق الأرواح.

جمعـت على البر الحضور وربما.. جمعت عليه سرائر النزاح، نظمت صفوف المسلمين وخطوهم.. في كل غدوة جمعة ورواح.

بكت الصلاة وتلك فتنة عابث.. بالشـرع عربيد القضاء وقاح!

ثم تأمل في قصيدته «الحنين إلى القدس»: جاشتِ الأشواقُ وانزاحَ الكَرَى.. ولظى الحُزنِ بلَيلِيْ مؤنِسِيْ! آهِ! لو أمكنَ يا روحَ السُّرَى.. ما برحْتُ لحظةً في مجلِسي! كنتُ أسريتُ إلى تلكَ الرُّبى.. في بِقاع طُهِّرَتْ مِن دنَس! فلَقدْ طال على القلب النَّوَى.. وهوَى الأشواقِ بيتُ المَقدِس، بلادَ النورِ.. يا مهْدَ النُّبوَّهْ، أزِِفَ النصرُ فلا تستسلِمي، لم تزلْ في أُمّتي بعضُ فُتوَّة.. تَنسُجُ الأنوار رُغمَ الظُّلَمِ.. ولنا -يا قُدْسُ- في الإيمانِ قوَة.. تجعلُ الأبطالَ مِثل القممِ! سيذوق المجرمُ الباغي عُتُوَّهْ.. فاصبِريْ -يا قدسَنا- لا تسأَمِي.

ثم عد سريعًا لقصيدته في مصر والتي يقول فيها: أنا إن قدر الإله مماتي لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي.. ما رماني رام وراح سليماً من قديم عناية الله جندي.. كم بغت دولة عليّ وجارت ثم زالت وتلك عقبى التعدي.. إنني حرة كسرت قيودي رغم أنف العدا وقطعت قيدي.. أتراني وقد طويت حياتي في ميراث لم أبلغ اليوم رشدي؟! ثم ردد معي رائعة فيروز والاخوين رحباني: معي: مصر عادت شمسك الذهب! مصر عادت شمسك الذهب تحمل الأرض وتغترب.. كتب النيل على شطه قصصاً بالحب تلتهب.. لك ماض مصر إن تذكري يحمل الحق وينتسب.. ولك الحاضر في عزه قبب تغوى بها قبب.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store