Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

النيل وإسرائيل بيني وبين نقيب الصحفيين!(1)

إضاءة

A A
فجأة تغير وجه نقيب الصحفيين السابق كامل زهيري وهو يجلس معي في اليمن، وتحديداً على شاطئ عدن!. كان أستاذي قد فرح كثيراً عندما سألته عن «الشاعر الرجيم» بودلير، وعن رفيق دربه الشاعر عبد الرحمن صدقي! ومن فرط سعادته، نادى على أحد المرافقين اليمنيين طالباً القهوة، وقبل أن يبدأ سألني، عن وجهتي بعد عدن، وما إذا كنا سنلتقي قريباً في القاهرة، فقلت الى منابع النيل!

في تلك اللحظة أحسست أنني نكأت جرحاً غائراً، يبدو أنه كان لم يندمل! تقول منابع النيل.. النيل؟ قلت بحذر شديد: نعم من جهة أثيوبيا!، صمتَ نقيب الصحفيين لدقائق لا ثوانٍ، وراح يوصيني وصيته الأخيرة، فلم أقابله بعدها قط!

استبدل أستاذي كلمة «شريف»: بكلمة «ابني» وأشعرني أنه يتحدث مع «مؤنس» أو مع أحد أفراد أسرته!، راح أستاذي يحكي بصوته الرخيم العذب قصته مع النيل متمنياً أن أنصرف تماماً لهذه القضية :المرعبة» على حد وصفه لها في عام 1989!.

كان كبير النقباء وأمين الصحافة وضمير المصريين، قد دخل في معركة كبرى من أجل النيل كلَّفته منصبه، وحجبت مقاله، وأدخلته المعتقل!، وكنت أستمع ما يقوله لي كأمر تكليف، لا كقصة مثيرة أو سرد لطيف!.

والذي حدث أن النقيب انصرف عن الجالسين يصفقون أمام الرئيس السادات، وهو يعلن إعطاء إشارة البدء لحفر ترعة السلام بين «فارسكور» و»التينة» عند الكيلو 25 طريق الإسماعيلية - بورسعيد، لتتجه نحو قناة السويس، لتروي نصف مليون فدان!.

وفجأة التفت الرئيس الى المختصين الجالسين في الصفوف الأولى، طالباً منهم عمل دراسة كاملة لتوصيل مياه النيل الى القدس، «لتكون في متناول المؤمنين المترددين على المسجد الأقصى، ومسجد الصخرة، وكنيسة القيامة، وحائط المبكي»!

وقبل أن أكمل لكم بقية التفاصيل يهمني هنا أن أقول إن هذا الكلام المستفز والخطير موجود بالتأكيد في مضابط الرئاسة ومكتبة المخابرات العامة، وأرشيف وزارة الري!

يضيف نقيب الصحفيين أن الرئيس السادات لم يكتفِ بذلك، حيث قال: الله يرحمه: «ونحن نقوم بالتسوية للقضية سنجعل هذه المياه، مساهمة من المسلمين تخليداً لمبادرة السلام! باسم مصر وأزهرها العظيم، وباسم دفاعها عن الإسلام، تصبح مياه النيل هي آبار زمزم لكل المؤمنين بالأديان السماوية الثلاثة، ولما كان مجمع الأديان في سيناء، بالوادي المقدس طوى، رمزاً لتقارب القلوب في وجهتها الواحدة الى الله سبحانه وتعالى، فكذلك ستكون هذه المياه، دليلاً جديداً على أننا دعاة سلام وحياة وخير»!!.

يقول نقيب الصحفيين: لقد كان من الصدفة أنني دائماً أتابع ما تنشره الصحف الإسرائيلية منذ أعقاب حرب أكتوبر، وهنا تذكرت أنني قرأت مقالاً عام 1974 لرئيس هيئة تخطيط المياه في إسرائيل واسمه المهندس اليشع كلي، ويقترح فيه شراء مياه النيل من مصر بعد إتمام عملية السلام لحل أزمة المياه القادمة في إسرائيل!!

يضيف النقيب، لقد اكتشفت أن فكرة «اليشع كلي» تعتمد على فكرة هرتزل عام 1903!، وتذكرت أيضاً أن في مكتبتي بعض الكتب من بقايا مكتبة «لو جويل» رئيس تحرير جريدة «البورص» وكان صهيونياً، ومنها كتاب يتناول به دور إسرائيل القديمة.. ثم عثرت على كتاب قديم ونادر ظهر عام 1945 لمهندس أمريكي اسمه لورد ميلك وهو الكتاب الذي استند اليه جونستون المبعوث الأمريكي في فكرة استغلال مياه نهر الأردن!. وفي كتاب «فلسطين أرض الميعاد» يعلن لورد ميلك إيمانه بضرورة إنشاء إسرائيل وإعادة إحياء الحضارة الزراعية النبطية التي أقامها الأقباط الذين سكنوا سيناء وجزءاً من الأردن، وكانت عاصمتهم الزاهرة :البتراء، ولهم فنون زراعية قديمة تعتني إسرائيل بإحيائها!.

يقول نقيب الصحفيين وهو يسلمني نسخة من كتابه العظيم «النيل في خطر»: لقد اكتشفت أن الفكرة الإسرائيلية الجديدة التي بدأت عام 1974 تستند إلى أفكار قديمة، وحاول السادات إحياءها عام 1979.. وعندها قامت قيامة الصحفيين والمحامين أيضاً.. ونكمل غداً!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store