Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

النيل وإسرائيل بيني وبين نقيب الصحفيين (2)

A A
الآن وبعد هذه السنين، أدركت سر حبي وانبهاري بنقيب الصحفيين الراحل كامل زهيري!، إنه نهر الصحافة المصرية القديم الذي انتشلني انتشالاً من صحافة الإثارة، الى صحافة الرصانة!، هكذا على شواطئ عدن، رحت أنهل من النهر، وهو يحكي لي قصته مع النيل، والتي ازدادت وهجاً وسطوعاً مع خروج كتابه «النيل في خطر»!.

يقول نقيب الصحفيين: لقد صدر الكتاب أثناء صدور قانون العيب، وقانون سلطة الصحافة، وتعديل قانون الأحزاب، والاستفتاء الذي أجراه الرئيس لتأييد اتفاقيات السلام، ومنع المعارضين من تولي أي موقع في أي حزب أو نقابة! والتقط الخيط المهندس إبراهيم شكري رئيس حزب العمل، وقد هالته الفكرة، فأثارها في مجلس الأمة، وردّ عليه رئيس الوزراء مصطفى خليل، نافياً وجود هذه الفكرة من الأصل! ورغم تكذيب خليل للفكرة، عاد الرئيس السادات في حديثه الشهير لهمت مصطفي في 22 ديسمبر 1979 ليؤكد وجود مشروع مد مياه النيل لإسرائيل.. وكان حزب التجمع قد حرم من صحيفته، لتتوالى الأحداث حتى تمكن الصحفيون من عقد جمعيتهم العمومية، وانتخبت نقيباً، فشغلنا الرئيس باقتراح تحويل النقابة الى نادٍ!!

ومضى يقول: لقد نشبت معركة جديدة أو جبهة جديدة في نفس المعركة «معركة مواجهة تزويد إسرائيل بمياه النيل» قبل منعي من كتابة عمودي اليومي «من ثقب الباب» الذي حملت فيه على مشاريع بيجين، ثم كان الخطاب التاريخي الذي أرسله السادات لبيجين والذي يذكِّره فيه باقتراح مياه النيل، الشرارة التي أشعلت الأجواء في مصر!.

في هذه الأثناء، كتب عبد الخالق الشناوي وزير الري، وعبد العظيم أبو العطا وإبراهيم شكري، وفتحي رضوان، ومحمد عصفور، ونعمات أحمد فؤاد، وحلمي مراد، وحسين خلاف، وممتاز نصار، وأحمد الخواجه، وسيد جلال (لاحظ معي هنا أن تلك الأسماء التي ذكرها الأستاذ كامل زهيري تنتمي لكل التيارات والاتجاهات في مصر.. اليسار واليمين والوسط والوفد)، ثم عقدت نقابة المحامين ندوتين عن النيل، وأصدرت بياناً تاريخياً، وتجددت المعركة في مجلس الشعب الجديد في 24 نوفمبر 1980 (لاحظ أيضاً تلك الأجواء التي سمحت بندوات ومقالات ومناقشات في مجلس الشعب).

لقد بدا الخطر محدقاً في الجملة التي ذكرها الرئيس السادات لرئيس وزراء إسرائيل والتي يقول فيها: لقد أردت أن أذهب معكم الى آخر المدى»!، وكما قفز السادات الى القدس، خاف الناس في مصر أن يقفز لتحويل مياه النيل الى إسرائيل، وبدت لهم ولي أن الفكرة الأخيرة أخطر من الفكرة الأولى!

(لم يفت السادات أن يعبر عن نقمته على بيجين الذي لم يُعِر اقتراحه اهتماماً ومضى معربداً، في خطاب شهير أرسله السادات للعاهل المغربي الحسن الثاني.. يرحمهما الله ..السادات والحسن).

يقول نقيب الصحفيين عام 1989 وبعد أن انتصرت الإرادة الشعبية المصرية، إن مصر فعلاً لا تستطيع ولا تملك أن تستغني عن قطرة واحدة من مياه النيل.. ترى ما الذي كان سيقوله لو أمد الله في عمره حتى اليوم، بعد بناء السد، وبعد ما قيل عن بدء الملء الثاني؟!.

لقد كان هذا الحوار قبل إنشاء السد، ولم يكن رجماً بالغيب، ولكن حفظاً للماء، وحفاظاً على مصر.. رحمك الله يا ابن مصر!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store