Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

انتخابات إثيوبيا سدود على نهر الديمقراطية

إضاءة

A A
في أجواء متوترة، أدلى الناخبون في إثيوبيا بأصواتهم أمس، في الانتخابات العامة والإقليمية التي وصفها رئيس الوزراء ابي أحمد بأنها دليل على التزامه بالديمقراطية، ويصفها آخرون بالعكس تمامًا، وبأنها تعكس رغبة استبدادية جامحة!

لقد كان الأمين العام للأمم المتحدة دقيقًا وهو يصف أجواء هذه الانتخابات التي تجري «في بيئة سياسية وأمنية معقدة»، داعيًا جميع أصحاب المصلحة «إلى الامتناع عن أي أعمال عنف أو تحريض»، ومؤكدًا «ضرورة تسوية أي خلافات انتخابية من خلال الحوار والقنوات القانونية».

وبعيدًا عن أزمة السد الإثيوبي، ومن زاوية الاهتمام بما جرى ويجري في القرن الإفريقي، أقول إن الرجل الذي ما فتأ يتحدث عن إنشاء سدود مائية على النيل، فيما يعتبره ردًا على محور مصر والسودان من جهة، ودغدغة لمشاعر مواطنيه من جهة أخرى، أقول إن أبي أحمد يواجه سدودًا سياسية داخلية أكثر من أن تعد، وأن هذه السدود يمكن أن تفضي إلى إيقاف مسعاه «الديمقراطي» كما يسميه عند هذا الحد، حتى وإن فاز بالانتخابات بنسبة 70%!

وفي هذا الإطار يكفي أن نعلم أن الانتخابات لن تجرى إلا في نحو خُمس دوائر الدولة، البالغ عددها 547 دائرة، بما في ذلك جميع المقاعد الـ38 في تيغراي، و64 مقعدًا في جميع أنحاء إثيوبيا.

واذا كانت قضية التيجراي قد فرضت نفسها داخليًا وإقليميًا وعالميًا، فإن قضية شعب الأرومو باتت أكثر خطورة واستفحالاً وتهديدًا للكيان الإثيوبي كله!

والحاصل أن طموحات وتطلعات شعب الأرومو الذي ينتمي اليه أبي أحمد بشكل أو بآخر، بدأت في الانحسار حد التلاشي، والعودة إلى نقطة الصفر، فضلاً عن بروز جيل «كيو بي» الذي تمرد على الأوضاع، داعيًا إلى اعتماد لغته كواحدة من اللغات الرسمية في البلاد.

وفي هذا الإطار أيضًا عبَّر جوهر محمد أحد قادة الأورومو التاريخيين عن مخاوفه من الواقع الإثيوبي الجديد، مؤكدًا أو معتقدًا بأن انتقال إثيوبيا إلى الديمقراطية الذي طال انتظاره في خطر! ويضيف جوهر قائلاً: لم نعد على الطريق نحو التحول الديمقراطي، بل ننتقل مرة أخرى إلى الحكم الاستبدادي.. هكذا من نظام استبدادي لحزب واحد إلى ديكتاتورية الرجل الواحد -على حد وصفه-!

على أن أخطر ما ورد في الحديث الأخير لجوهر محمد هو قوله «إن انخراط إثيوبيا في حرب أهلية سيكون له تأثير ضار على الشؤون الإقليمية والدولية.. ومن ثم، يتعيَّن على الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والدولية أن تمارس ضغوطًا عاجلة ومنسقة على رئيس الوزراء لعكس المسار الحالي، وإعادة فتح المجال السياسي ودعوة جميع أصحاب المصلحة بهدف تطوير خارطة طريق جماعية نحو الانتقال إلى الديمقراطية».

أعرف أن هذه اللغة والجدية في التصريحات المعارضة تسبق أي انتخابات في أي دولة، وإن كانت من الدول الديمقراطية، لكني والعالم كله بات يعرف حجم التحديات التي تواجه أبي أحمد هذه الأيام، وفي هذه الأجواء!

كنت في إثيوبيا، عندما كانت جبهة تحرير الأورومو، تمارس مساعيها ضمن غيرها من جبهات لإسقاط منجستو، وعندما سألت الأخير، عما يجري ضد نظامه، وعن ما يقال عن ممارسة التمييز والاضطهاد لعرقيات معيَّنة قال «لا حدود في بلادنا لمناطق معيَّنة ومناطق أخرى، الكل متداخل، على عكس ما كان في نظام هيلاسي لاسي الذي كان يستغل الفرقة ونصرة جانب على آخر في تطويل عمره في الحكم»! لقد طلب مني منجستو أن أذهب وأتحرى بنفسي، وحين ذهبت كان واقع الحال يتحدث عن حقائق مختلفة تمامًا، وهو الأمر الذي أفضى في النهاية إلى إزاحة منجستو عن الحكم!

وفي كينيا التقيت بالعديد من الجبهات والمنظمات الإثيوبية المعارضة، وسمعت منها الكثير مما أسمعه الآن!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store