Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

مصر القواعد والسلاح لا تعطش ولا تجوع!

إضاءة

A A
طالبت في مقال سابق بضرورة ضبط الإيقاع بل ضبط الأعصاب، وضبط الكلام فيما يتعلق بملف النيل! ولأنه النهر، ولأنها مصر لا يصح مثلاً أن يتحدث بعضهم بإغراق أو باستغراق عن البدء في متابعة ورصد معدلات سقوط الأمطار،، بهدف توزيع أمثل للموارد المائية خلال فترة أقصى الاحتياجات. مثل هذه الأمور الفنية، مكانها المكاتب وغرف العمليات وليس البيوت! من ذلك أيضاً أن يتحدث الوزير المسؤول ولو من باب التخويف أو التهويش، عن أثر الجفاف في هجرة الشباب غير الشرعية، وانضمامهم الى الجماعات الإرهابية، وخطورة ذلك على القارة الأوروبية! ومن ذلك كذلك، أن يستغرق الفارغون في الحديث عن تشريد آلاف الأسر، وعن العطش والجوع!. توقفوا عن الهروب تارة، وعن التخويف أخرى، وعن كل أشكال وأعمال التمثيل!.. يدرك الشعب جيداً، كيف يكون جديرًا بمائه، وكيف يكون الحفاظ عليه، على جريانه وبهائه، يدرك المزارع جيدًا أن ليس عن ماء النيل بديل، وتدرك الأرض أن ليس لماء النهر مثيل!. ويا أيها المتنطعون، مصر لا تجوع ولن تجوع، مهما فعل المتربصون، ومهما تكاسل المتكاسلون، ومهما كان حجم الهموم.. مصر لن تكتفي أبداً بعد حبات الأمطار، والاكتفاء بشرب الدموع، وزراعة حقولها بأعواد الجوع!. ويا أيها المرددون بمناسبة ومن دون مناسبة: تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر، باعتبارها أمكم، لتعملوا سوياً كي تحيا بالفعل سامقة وعملاقة، لا منكفئة ومهمومة.. تقولونها في وجوه بعضكم، فقولوها في وجه المتربصين بكم! وقبل أن تمضغوها، اسمعوها وهي تقول لكم: لا بد من العمل لوقف الوجع، ومداواة أي جرح يتسع!، ولكي يتم ذلك، لابد من وحدة الصف، ووقف هدر الوقت في التشتيت والتفريق والشيع!. لقد كان نهر النيل ومايزال نهراً للحب والألفة وللود، لا للخلاف والتشكيك والتجريح والصياح.. واطمئنوا.. إنه النهر الذي لا يقبل خلط الكاذب بالصادق، ويعرف جيداً كيف يميز بين الفاسق والعاشق!، وعلى سبيل المثال، فإن النيل ليس مجرد غناء وفسح وترف، النيل هو من علّم البشرية أن الشهادة شرف!، صحيح أننا نسعى للسلام وندعو للوئام، لكننا وقد بنينا القواعد وجمعنا السلاح من كل مكان، لن نقتنيه لمجرد الاستعراض، وإنما للذود عن النفس وعن النهر اذا تعرض للعدوان!. انه النيل الذي علْم الإنسان القديم معاني الانتصار.. ومواجهة كل الصعاب من بحر الغزال الى كل المنحنيات والهضاب والتلال.. إنه النيل الذي ينبع من بعيد لكي يجري سريعاً الى رحابك.. فليقل كل فتى.. مستعدون يا مصر لأن نفنى في ترابك. تأملت في وجه لوحة لفلاحة مصرية رسمها فنان بالأبيض والأسود، وكأنها تقول له: أيها الفنان المهموم! لا ترسمني بالأسود.. ارسم المتقاعسين بالفحم!، ارسم لي وجوه هؤلاء السادة الغلاة، كي أمحوها قريباً بالممحاة! ارسم الذين يمثلون ويصلون بلا وضوء، وليس لهم صلاة، والذين يتاجرون ويسرقون ماءها وآثارها وخيرها، ويخرجون لمناداة مصر.. أماه! يلعنهم الإله! كانت الفلاحة السمراء الحزينة مما تقرأ وتسمع تقف كالكافورة، تحملق وهي ممسكة بالماعون، وهي تقول من خلف الأشجار، إن التفريط في النيل عار وشنار، وإن المتخاذل ملفوظ من كل غيط ودار!. وكنت أقول: أيتها السمراء الحزينة، كوني مطمئنة، ستخلعين ثوب الحزن، وتستقبلين خضرة هذا الكون، وتخرجين من إطار الأبيض والأسود، الى كل ألوان الفرح والزينة!.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store