Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريــف قنديل

جسر جوي مختلف يضخ الأكسجين في شرايين الجسد العربي

إضاءة

A A
سريعًا وفي النور وعلى الهواء وعلى الملأ، مضت طلائع الجسر الجوي السعودي للجمهورية التونسية؛ محملة بالأجهزة الطبية وأجهزة العناية للإسهام في مكافحة انتشار فيروس كورونا.. هكذا قضت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، فور أن طلب الرئيس التونسي الدعم، خلال مكالمته مع الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.. والحق أن هذه الطلائع مثلت لي ولكل عاشق لأمته العربية فرحًا خاصًا وأملاً كبيرًا في إمكانية نهوض الأمة من جديد، والحق كذلك أنها في هذه اللحظة أثمن وأغلى وأهم من أي طلائع وأساطيل أخرى، لا ندري تتجه إلى أين ولصالح من؟.

لقد جاء تحرك طلائع الجسر الجوي، لتؤكد أنه عند الشدة، لا وقت للحسابات والتلاومات والمساومات والمقايضات وغيرها من مصطلحات غزت الأمة، وعطلت كل أحلام الوحدة الحقيقية.. وحدة الجسد الذي أصيب بالحمى تداعت له كل الأعضاء بالسهر! وإذا كانت الأجهزة على المستوى الطبي ستضخ الأكسجين في شرايين الأشقاء المصابين بكورونا آخذة بيدهم نحو الشفاء، فإنها على المستوى السياسي تضخ الأمل في شرايين الأمة العربية، التي أنهكتها فيروسات أخرى لا تقل خطورة وفتكًا.

ومن العجيب أن أعراض المرض العربي على المستوى السياسي أكثر وضوحًا، بل أكثر تدميرًا لدول وشعوب، كانت حتى وقت قريب تتوق للنهضة من جديد.. ومن المؤسف كذلك، أنها لم تكن على شكل ارتفاع في درجة الحرارة، أو نوبات عطس جماعية، وإنما كانت ومازالت على شكل حرائق وتفجيرات وهلاك أرواح بالمئات! بعيدًا عن ذلك، بل قريبًا جدًا منه، جاءت حرائق المستشفى الخاص بعلاج كورونا في العراق، لتؤكد حجم وعمق مأساة الأمة العربية التي استهدفها ويستهدفها المرض في أغلى أجزائها! والحال نفسه، مع اختلاف الأعراض، يضمر الجسد اللبناني المنهك أساسًا من ويلات الفرقة، حتى وصل الحال لأن يناشد حسان دياب رئيس الحكومة المؤقتة العالم قائلا: الشعب اللبناني يموت! لن أخوض في الشرح الطبي أو الإكلينيكي أو حتى السياسي للجسد السوري، لكن الشيء الثابت أن أطرافًا غير عربية، يهمها استمرار الوضع كما هو عليه، وهو وضع مؤلم ومؤسف لا يرضى به وعنه كل عربي حر! أما الأكثر إيلامًا، فهو تداعي الأمم من كل صوب وحدب كلما اقترب الحل وبدأ العلاج بالفعل في دول عربية أخرى أكثر من أن تعد!

اللهم اشف الجسد العربي كله من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، ولا تدخل علينا عيد الأضحى بصدمة جديدة، فقد تعبت الأمة، وبات يوم عيدها الأضحى مناسبًا لعبث الأشرار الفجار، ليس في فلسطين وحدها، ولا في العراق وحده، ليس في ليبيا وحدها ولا في سوريا وحدها، وإنما في قلبها النابض هناك على النيل.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store