Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م.سعيد الفرحة الغامدي

مهزلة الهجرة تتكرر...!

A A
هجرة الفلسطينيين كانت ولازالت الأسوأ في تاريخ القرن العشرين حيث لازالت المخيمات في الأردن ولبنان وسوريا قائمة وفي حالة مأساوية من حيث الحياة والتعليم والصحة والبطالة وعدم الأمان والاستقرار.. كل ذلك من أجل حلم العودة إلى وطنهم المغتصب.. بداية الربيع العربي خلقت مآسي أكثر إيلامًا لكل الدول التي عانت من الفوضى المدمرة التي خلقتها الولايات المتحدة الأمريكية. كابول أفغانستان تعيد للعالم مشاهد وصور الذي حصل خلال العقد الماضي من الهجرة القسرية من عدة دول لمئات الألوف من النساء والأطفال والشيوخ وغيرهم من كل الأعمار الذين أُجبروا على الفرار من أوطانهم خوفًا من طواغيت الحركات الإرهابية وجبروت الحكام الظالمين.. بعد عشرين عامًا من الاحتلال الأمريكي وعلى مشهد من العالم تقوم أكبر دولة في العالم بمقاييس المال والقوة العسكرية والنفوذ السياسي والتفوق التقني بحملة إجلاء موظفيها والمتعاونين معها خلال العقدين الماضية من الأفغان ليصبحوا لاجئين خارج وطنهم وتتحمل أمريكا وحلفائها أعباء ذلك.

إن حملة الإجلاء التي تُعد الأكبر في التاريخ بشهادة الرئيس الأمريكي -جو بايدن- هي شهادة ودليل صادم للعالم بإن هناك أخطاء جسيمة اُرتكبت خلال فترة الاحتلال تمت بالاستعانة بمواطنين محليين في تنفيذها الأمر الذي وضعهم أمام مواطنيهم في خانة الخونة وإلا فما ذنب المترجم الذي كإن عمله مجرد النقل من لغة إلى أخرى لتسهيل التواصل وتنفيذ المهمات وكذلك السائق والعامل وغيرهم من الذين اكتسبوا لقمة العيش بعرق الجبين خلال تلك الفترة وفي النهاية أصبحوا في خانة الخونة أمام السلطة القادمة يخشون العقاب وقرروا الفرار خوفًا من الاضطهاد وجيوش الاحتلال تعترف بخطورة بقائهم في وطنهم.

والسؤال هل يصبح الهاربين من طالبان معارضين ضد طالبان في الخارج أم إنهم مجرد لاجئين مشردين يحلمون بالعودة إلى وطنهم في يومًا ما؟

استشراف مستقبل أفغانستان عصي التنبؤ به في هذه المرحلة التي أصبحت حبلى بالفوضى العارمة وحتى أمريكا لا تعلم ما هو مصير دولة احتلتها خلال عقدين من الزمن وتركتها في مهب الريح وفي نفس الوقت تخشى تداعيات قرارها على أمنها وأمن العالم إذا عادت أفغانستان وكرًا لداعش عابرة الحدود وخلاياها النائمة في كل مكان.

قد يكون أكبر خطأ ارتكبته الإدارة الأمريكية إنها لم تشارك رئيس الحكومة أشرف غني في مفاوضاتها مع طالبان التي تمت في الدوحة كما يبدو وبدون إخراج صيغة شراكة توافقيه محكمة لعودة طالبان وربما تم ذلك بإصرار من طالبان حتى تنفرد بالسلطة وإن صح ذلك فإن الإدارة الأمريكية قد خدعت الحكومة الأفغانية التي زعمت إدارة الرئيس بايدن إنها أهلتها لتولي مقاليد الحكم والدفاع عن المكتسبات بجيش مدرب قوامه (300) ألف التي تركتها الولايات المتحدة بعد سيطرتها على أفغانستان خلال عقدين من الزمن..!

وختامًا إن تداعيات الفوضى في أفغانستان تنبىء بعواقب كارثية على الشعب الأفغاني بكل أطيافه وستطفح عواقبها إلى الدول والأقاليم المجاورة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store