Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

شفتِ قرداحي؟!

A A
رغم متابعتي الحثيثة لكل تداعيات الأزمات التي يفجرها حزب الله في لبنان، ضد السعودية وضد وطنهم، حتى تحول إلى بلد القمامة المكومة في الشوارع، والكهرباء الهاربة، والفوضى العارمة، إلا أني تدثرت بالصمت، لأن القرارات التي اتخذتها دولتنا الرشيدة هي الرد المناسب على كل تلك الأزمات، ولأني عندما أتناول قضية، أطرحها بحس وطني محض، لا أستعير صوت المسؤول أو صوت السياسي أو الدبلوماسي، بل صوت المواطن.

والأزمة الأخيرة التي فجرها تصريح المدعو قرداحي، وجدت الرد الرسمي المناسب وكذلك الرد الإعلامي سواء الرسمي أو على قنوات التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد، لذلك كنت أمارس دور المتابع أو المتلقي، حتى قبل كتابة هذه المقالة كنت أجلس مع صديقات، وكانت بيننا سيدة كبيرة ليس لها علاقة بالثقافة ولا السياسة ولم أكن أتوقع أن لديها حتى مجرد علم بقرداحي إلا كوجهٍ إعلامي عندما كان يقدم برامج على قناة MBC.

فاجأتني بقولها: «شفتِ قرداحي؟!»، وعلى وجهها علامات الغضب والعجب وفي نبرة صوتها الاستنكار!.

نظرت إليها وكل ما تابعتُه وسمعتُه من صلف وعجرفة بعض المسؤولين اللبنانيين وحتى بعض مقدمي البرامج خلال حديثهم مع ضيوفهم عن الأزمة منذ أزمة تهريب المخدرات إلى المملكة بيد عناصر حزب الله ووضعها في شحنات الفاكهة، يتدفق إلى رأسي!.

سمعت إحداهن تقول للضيف اللبناني الذي كان يدافع عن موقف المملكة: «أخذوا موقف لماذا لا يساعدونا؟» وكررت سؤالها الاستنكاري «لماذا لا يساعدونا؟!.

أنصتُّ إلى وزير الخارجية اللبنانية أيضاً في تعليقه على الأزمة الأخيرة، يتحدث بعجرفة ويتهم السعودية بالقسوة!

كل هذا دار في رأسي وأنا أنظر إلى السيدة بحب وإعجاب، فهي رغم بعدها عن الأخبار والأحداث إلا أنها استكثرت تصريحات القرداحي ضد وطنها، وكأنها تبدي تضامناً ضمنياً مع موقف الدولة ضده وضد كل من يتعدى حدوده، وأدركت أن الموقف الرسمي للمملكة ضد من يعاديها ويعادي شعبها، ويسعى للإضرار بأي بقعة على أرضه، هو موقف شعبي بتضامن كامل من كافة الفئات والأطياف أي أن موقف الشعب السعودي مما يحاك ضد وطننا الشامخ متضامن ومتسق مع الموقف الرسمي.

ربما يجد القارئ أن العبارة «شفتِ قرداحي»، عبارة بسيطة، لكنها في رأيي عندما تصدر بتلك النبرة وبتلك الملامح فهي تمثل عمق الاستنكار الذي يطلقه المواطن البسيط الذي لا تتعدى متابعته البرامج الترفيهية التلفزيونية كالتي كان يقدمها القرداحي، فتسلل إلى قلوب العامة لأنه كان يتلو آيات من القرآن بطلاقة وفصاحة، فانحازت المشاعر إليه لأنه لا ينتمي لنفس العقيدة لكنه يعرف كتابنا، هذه المشاعر الإنسانية التي هي مشاعر فطرية في قلوبنا نحن السعوديين أو الخليجيين، وهي مزيج من الطيبة والنقاء والمحبة لكل من ينتمي لعروبتنا بغض النظر عن انتماءاته الدينية والسياسية، لكن وأتوقف هنا عند «لكن»، لأن كثيراً من العرب الذين اختلطوا بنا وأحاطتهم تلك المشاعر وقيم الشهامة والجود والكرم، لا يعرفون أننا نقدس الوفاء، وننبذ عديم الوفاء ومن يريد بنا السوء.

أجل تلك السيدة وغيرها وكل من كان يعشق لبنان أو يتابع القرداحي، أداروا رؤوسهم وقلوبهم عن كل من أساء ويسيء للوطن وقيادته بقول أو فعل، القرداحي ليس الأول الذي نكص على عَقِبيه وليس الأخير، حتى من يدافع الآن ويبدي الولاء والدعم فهو يتبع مقولة «دارِهم ما دمتَ في دارهم»، رغم أننا نحن الذين نداري من هم في ديارنا نبسط لهم وجوهنا وأيدينا، وهذا بالطبع لا ينطبق على الجميع، لكن مر بنا الكثير ممن «لحم أكتافه من خير هذا البلد»، لكنه نسي وانقلب بمجرد مغادرته أرضنا.

تلك أخلاقهم، لكن أخلاقنا وقيمنا تلزمنا بمد جسور الثقة مع من يعيش معنا، لسنا مخولين بالتنقيب عما يكنه لنا ولا الكشف عن نواياه وماذا سيفعل بعد عودته إلى وطنه، فتلك أخلاقه وقيمه، هي التي دفعت السيدة لطرح سؤالها الاستنكاري: «شفتِ قرداحي»!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store