Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

ماذا صنع الحب في خمسين عاماً؟

A A
من يقرأ كتاب الدكتور عبدالله دحلان، «الحب في خمسين عاماً»، يكتشف أن الحب يصنع المستحيل، لأنه يحقق الاستقرار العائلي، والنجاح في الحياة العملية والاجتماعية، والسعادة الدائمة، هي هذه صناعة المستحيل التي لا يجيد صناعتها سوى الحب والحب فقط.

لا يمكن للمال وحده، ولا النجاح العلمي أو العملي أو كلها مجتمعة تحقيق السعادة إذا لم تُغرس مبكراً في تربة الحب!.

في حياتنا تحققت كثير من المستحيلات نتيجة هذه المشاعر الجميلة التي نمر بها في فترات من حياتنا أو أن إحساسنا بجمال ما تحقق هو نتيجة تلك المشاعر، صحيح أن أقوى الفترات تلك التي تداهمنا في سن المراهقة، لكن الأجمل هو استمرارها بنفس القوة والتدفق، مهما واجهت في الحياة تظل تلك العلاقة هي الوقود الذي يدفع المركبة للسير في طرقاتها.

بعض نبضات الحب التي داهمتنا في تلك السن الغضة تنتهي ربما لمعوقات، أو فشل الطرفين في استثمار تلك المشاعر في علاقة زوجية ناجحة، بكل معنى النجاح، وهو ما عنيته بتحقيق المستحيل، كل تقدم إيجابي في الحياة هو تحقيق للمستحيل، لأن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة بل هي في صعود وهبوط، واستقامة والتواء، هكذا في كل تفاصيل الحياة، الدراسة، والعمل، والزواج، والصداقة، استمرارها على وتيرة واحدة هو تحقيق للمستحيل.

قصة الدكتور عبدالله دحلان مع الجميلة سحر موصلي، زوجته التي أهدته أربعة أبناء وأربعة عشر حفيداً، حفظهم الله جميعاً، سردها ببساطة وشفافية موثقة بالصور، هي التي حققت هذه التوليفة الجميلة لنجاح أسرته علمياً وعملياً واجتماعياً.

لخص دحلان الأسباب في عامل مهم «الحب»، بالحب الذي اقتحم قلبه مبكراً وهو ابن السادسة عشرة، عندما رأى سحر الطفلة ذات الأربعة عشر ربيعاً، قبل خمسين عاماً، كان هو خلاصة حياة زوجية مفعمة بالحب، لم يخفت يوماً، حتى اليوم وإلى آخر العمر بإذن الله.

إذا نظرنا إلى التفاصيل الأخرى المكونة لشخصية وحياة دحلان العلمية والعملية والاجتماعية والثقافية، والفكرية؛ نرى بوضوح أثر ذلك الحب، وأنه كان الحافز والمحرض لكل تلك النجاحات، والعلاقات، وتأثيره الإيجابي على شخصية أكاديمي واقتصادي ومثقف حصد النجاحات في كل هذه المجالات.

مشاعر السعادة الدائمة رغم كل ما تأتي به رياح الحياة في الحياة الزوجية ربما يصنف ضمن قائمة المستحيلات، لكن تلك المشاعر بارزة جداً وأنت تقلب صفحات كتاب «الحب في خمسين عاماً»، ترى تلك السعادة في الكلمات وبين السطور وعلى الوجوه في الصور العديدة الشاهد العيني لتلك الحكاية التي بدأت من البداية من أول نظرة واستقرار سحر في قلب الشاب الغض الذي اجتهد في دراسته وخطط لمستقبله وتحقيق طموحه وهو يفكر كيف يسعد حبيبته تلك الطفلة التي لم تفقد براءة نظراتها حتى اليوم وهي أم وجدة، بل يصفها بأجمل الصفات، فهو لا يرى ولا ينظر لغيرها، وهي إحدى النصائح التي يقدمها للشباب، لأن الحب العنيف والعميق والذي كان يمكن أن يزهر ويثمر وينتج ويحقق كل المستحيلات بين كثير من الأزواج انتهى عنيفاً مدمراً لأن أحدهما مد بصره خارج حدود مملكته فارتدّ إليه البصر خاسئاً!

كُتب أبدعها قلم الدكتور عبد الله، أهداني إياها مشكوراً منها: أيام لا ككل الأيام، الطريق إلى النجاح، الوصايا العشر للنجاح وتحقيق الأهداف، مواقف محرجة، والجزء الثالث من حوار اقتصادي، وهي كلها نتاج العلم والثقافة والتجارب المختلفة، لكن العامل الأهم هو الاستقرار العاطفي والأسري، هو البيئة الخصبة لتحقيق كل ما هو جميل في الحياة، هي هذه الوصفة التي يتضمنها كتاب دحلان «الحب في خمسين عاماً»، ليس فقط الإخلاص بل حب شريكك في الحياة كما تحب نفسك أو أكثر كحب عبدالله لسحر وحب سحر لعبدالله هو هذا الحب الذي يستحق الاحتفاء!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store