Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

يا أهل المعرفة والحلم عليكم بصيانة العلم

الحبر الأصفر

A A
الشعر العربي ديوان كبير ومن الصعب بل من المستحيل الإحاطة به وقراءته بشكل كامل، لذلك أحاول بين فترة وفترة أن أسلط الضوء على قصيدة تشعر أن معانيها تلامس الواقع المعاصر، بل إن بعض القصائد تعتبر خارطة طريق أو خطة عمل لمن يريد أن يعيش بين الناس بسلام وأمان، خذ مثلاً قصيدة العالم الكبير القاضي «عبدالعزيز الجرجاني» عندما شرح لنا واقع حياته، ولماذا هو فقد إحساسه بالناس الذين اتهموه بالانعزال والانقباض حيث يقول:

يقُولونَ لِيْ فِيْكَ انْقِبَاضٌ وَإِنَّما

​رَأَوا رَجلاً عَنْ مَوْقِفِ الذُّلِّ أَحْجَمَا

أَرَى النَّاسَ مَن دَانَاهُمُ هَانَ عِنْدَهمْ

وَمَنْ أَكْرَمَتْهُ عِزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِمَا

ثم يشرح الشاعر بأنه رجل لا يستفزه أي شيء ولا

يندم على ما فات حيث يقول:

وَمَا كُلُّ بَرْقٍ لاحَ لي يَسْتَفِزُّنِي

ولا كُلُّ مَنْ لاقَيْتُ أَرْضَاهُ مُنْعِمَا

وَإِنِّي إذا ما فَاتَنِي الأَمْرُ لَمْ أَبِتْ

​أُقَلِّبُ كَفِّي إِثْرَهُ مُتَنَدِّمَا

ثم يعرج على مكانة العلم، وأنه يجب على أهل العلم

أن يرفعوه ويصونوه وفي ذلك يقول:

وَلَمْ أَقْضِ حَقَّ العِلْمِ إِنْ كانَ كُلَّمَا

بَدَا طَمَعٌ صَيَّرْتُهُ لِيَ سُلَّمَا

ولم أَبْتَذِلْ في خِدْمَةِ العِلْمِ مُهْجَتِي

​لأَخْدِمَ مَن لاقَيْتُ لكنْ لأُخْدَمَا

أَأَشْقَى بِهِ غَرْسًا وَأَجْنِيهِ ذِلَّةً

​إِذِنْ فَاتِّبَاعُ الجَهْلِ قَدْ كانَ أَحْزَمَا

ولو أَنَّ أَهْلَ العِلْمِ صَانُوهُ صَانَهَمْ

ولو عَظَّمُوهُ في النُّفُوسِ لَعُظِّمَا

ولكنْ أَذَلُّوهَ فَهَانَ وَدَنَّسُوا

مُحَيَّاهُ بالأَطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَّمَا

حسناً ماذا بقي:

بقي القول؛ هذه بعض معايير الحياة السعيدة التي تجمع بين علو النفس وسمو الهمة، والشغف والإقبال على رفع العلم ومكانته، فهل نتعلم من الجرجاني بعض ما أرشدنا إليه؟

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store