Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. أحمد بن داود المزجاجي

البحث والتأليف.. مفارقات عدة

A A
مطلوبٌ جدّاً نشْرُ بحث وتأليفُ كتاب، كلاهما جهدٌ فكري مهم، وبخاصة في ميدان الجامعات، وكلاهما يهدفان إلى زيادة المخزون المعرفي لدى المهتمين بالاطلاع والقراءة؛ ولكن عند القيام بعقد مقارنة سريعة بينهما؛ يظهر من المفارقات الآتي:

* البحث يرتكز على موضوع محدد، تحكمه فرضية معينة أو فرضيات متفرعة منها، بينما تأليف الكتاب يقوم على موضوع يتكون من جوانب رئيسة، وكذلك فرعية أحياناً، يكمل بعضها بعضاً، وليس به فرضيات.

* البحث يكون حجمه محدوداً، وغالباً لا يزيد عن خمسين صفحة حسب ما تحدده معظم المجلات العلمية؛ بينما الكتاب ليس محدداً، وهو متروك للمؤلف، ويمكن أن تكون له أجزاء، وصفحاته بالمئات.

* البحث يخضع لفترة زمنية معينة، إنجازاً وتحكيماً ونشراً واطلاعاً، من قِبَل المهتمين بمجاله من القرّاء؛ بينما لا يخضع الكتاب لهذه القيود، ويتحكّم المؤلف في كيفية إعداده ووقت الانتهاء منه.

* البحث نفَسُه قصير، ويستهدف فئة متخصصة محدودة للاستفادة منه؛ فبحث في الهندسة الفلانية، يستفيد منه مهندسون معينون، وليس كل المهندسين، وكذلك في المجالات الأخرى كالطب والكيمياء والفيزياء والأرصاد ونحوهم؛ بينما الكتاب يكون واسع الانتشار، وكثير الاطلاع عليه وقراءته، كمجالات الفقه والسياسة والتاريخ والإدارة والاقتصاد، والأدب وأخلاقيات العمل والتعامل وما شابه ذلك.

* يكون البحث بعد نشره غير قابل لإضافة معلومة معينة أو حذف أيٍّ منها؛ بينما الكتاب يمكن لمُؤلِّفه إضافة أي معلومة أو حذف ما يراه مناسباً عند إعادة طباعته.

* يُحتفظ بالبحث في المجلة العلمية المنشور بها فقط؛ بينما يكون الكتاب متاحاً في المكتبات ولجميع القرّاء الذين يرغبون في قراءته.

* أكثر البحوث في المجالات الاجتماعية ينتهي مفعولها بانتهاء نشرها، وحصول أصحابها على ترقيات علمية، وذات فوائد محدودة لمحدودية المطّلعين عليها بعد نشرها؛ بينما تظَل الكتب في المكتبات الجامعية ومراكز الثقافة والتوعية والمكتبات الخاصة عشرات السنين، يستفيد منها القرّاء جيلاً بعد جيل، اللهم علِّمْنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علّمْتَـنا، إنك أنت العليم الحكيم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store