Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

الجمعيات الاستهلاكية: هل آن الأوان؟!

A A
لا يتجاوز عدد الجمعيات التعاونية العاملة فعلياً في المملكة 230 جمعية فقط في أحسن الأحوال!، ولا تزيد نسبة مشاركة السكان في هذه الجمعيات عن 1% تقريباً!. أرقام ضعيفة بل وصادمة بالتأكيد في دولة بحجم المملكة، وفي مجتمع مسلم ومحب للعمل الخيري عموماً، إلّا أن الصادم أكثر هو عدد الجمعيات الاستهلاكية من بين تلك الجمعيات، وأقصد الجمعيات المعنية بتوفير السلع الاستهلاكية الرئيسة، ومحاربة الغلاء والاحتكار التجاري، فبحسب الإحصاءات الرسمية لا يوجد سوى (ثماني) جمعيات فقط تعمل في المجال الاستهلاكي في عموم بلادنا.. وهذا رقم أكثر عجباً وصدمة، فكيف يكون لدينا هذا العدد الضئيل جداً من الجمعيات الاستهلاكية رغم إدراكنا ووعينا كمجتمع بأهمية هذا النوع من الجمعيات وضرورته، ورغم قِدَم التجربة ونجاحها الكبير في بعض الدول المجاورة مثل الشقيقة الكويت التي تعد الجمعيات الاستهلاكية فيها من أهم المعالم الاقتصادية، حيث تستحوذ على 70% من تجارة التجزئة هناك؟!.

بعض الأفكار قد تكون غير مناسبة في مجتمع ما خلال وقت من الأوقات.. ولنا في تجربة (الباصات) أو حتى القطارات التي لم تنجح في بلادنا في فترات سابقة مثال واضح، لكن هذا لا يعني عدم مناسبتها على الإطلاق.. فعندما أُعيدت التجربة بتغيُّر الظروف الاقتصادية والديموغرافية؛ نجحت تلك التجارب نجاحاً باهراً، لذلك قد تكون فكرة الجمعيات الاستهلاكية قد صادفت بعض التعثُّر خلال فترات سابقة، لكنني أكاد أجزم أن أفضل وقت لدعم المستهلكين وحمايتهم بهذه الجمعيات التي تمثل واحات ظليلة للمواطن هو الآن.. فلا شيء يُقاوم الاحتكار والغلاء وجشع كثير من التجار مثل الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، هكذا تقول كل التجارب الناجحة لهذه الجمعيات في معظم دول العالم، خصوصاً دول الخليج التي تشاركنا نفس البيئة والعادات والظروف الاقتصادية.

للأمانة.. لابد من القول إنه برغم قلة عدد الجمعيات العاملة في القطاع التعاوني في المملكة والتي بدأت العمل منذ العام ١٩٦٠م، إلا أنها ساهمت وبشكلٍ لافت في دفع عجلة التنمية خلال العقود السابقة، سواء الزراعية منها أو الطبية أو الثقافية، أو حتى جمعيات الصيادين والجمعيات متعددة الأغراض.. وبحسب رؤية 2030 فإن المأمول أن يتضاعف عدد الجمعيات ليصل إلى 5000 جمعية في العام 2030 بإذن الله، ولتصبح المملكة بهذا الرقم المأمول ضمن أفضل عشر دول عالمياً في مجال الاقتصاد التعاوني، مما سيسهم بإذن الله في ازدهار كبير للعمل التعاوني الخيري، وتوفير 700 ألف فرصة وظيفية للمواطنين. وبحسب بعض العاملين في القطاع التعاوني؛ فإن أبرز التحديات التي تواجه القطاع التعاوني - والتي يجب إعداد العدة للتغلب عليها - تتمثل في ضعف آلية تطبيق الأنظمة والقرارات ذات العلاقة، وضعف التعاون والاستجابة من الجهات المختصة، وطول وبطء إجراءات التسجيل وآليات التعامل معها.

كل الظروف مناسبة للبدء بإنشاء جمعيات استهلاكية كبرى تواكب رؤية 2030 وتحقق بعض أهدافها، وتقدم رعاية تمويلية لبعض الفئات المجتمعية، بل لكل المواطنين من خلال شركات مساهمة تُطرح للاكتتاب العام يساهم فيها المواطنون أنفسهم برأس المال، ليخففوا عن أنفسهم ويلات الغلاء، وليساهموا في توفير فرص عمل لأبنائهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store