Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. أحمد بن داود المزجاجي

.. فيلسوف يوناني آخر!

A A
امتداداً للموضوع السابق والذي تحدثت فيه عن أخلاقيات الغرب، وضربت مثلا بالفيلسوف سقراط الحكيم، اليوم سيكون الحديث عن فيلسوف يوناني آخر وهو أفلاطون (347 ق.م.) الذي ادّعى أن الأخلاق العملية تحبّذ الإنسان الأقوى والأفضل والأغنى، ونبذ الضعيف والعاجز والفقير والمريض، وفضّل التخلص منهم؛ لأنهم يستهلكون ولا ينتجون، ويأخذون ولا يعطون.

فأيّ أخلاق هذه التي تشجّع على التخلّص من الضعفاء والفقراء والمرضى والعجزة، وتحرص على الأقوياء والأغنياء والأصحّاء؟!! ثم أما علِم أن مصير القوي؛ الضعف في شيخوخته، والصحيح؛ المرض في طبيعته، مهما طالت قوته، وامتدّت صحته؟

إن الأخلاق التي لا تعترف بالفوارق الطبيعية الفطْرية والمكتسبة بين الناس، ولا تقبل منهم إلا القويّ والغني والصحيح والقادر؛ ليست بأخلاق طبيعية، وإنما انتقائية لا تعترف باختلاف البشر وتنوّعهم في القوة والغِنى والصحة والمقدرة والتفكير والثقافة والخبرة ونحو ذلك.. أن هذا التنوّع هو ابتلاءٌ من الخالق عزّ جلّ؛ ليرى منهم من يشكر، فتزيد النِعم، ومن يكفر فيجازيه بقدْر ما كفر.

طبيعة الأخلاق في الإسلام عملية وليست فكرية، لأنها تهتم بالعمل «فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يرهْ ومن يعمل مثقال ذرة شرّاً يرهْ» الزلزلة: 7-8.. ومما لاشكّ فيه، كثيرة هي الآيات القرآنية التي تقرن الإيمان بالعمل الصالح، وتحثّ المسلم والمسلمة على العمل بما يرضي الله عزّ وجلّ، فضلاً عن الأمر الإلهي بأداء الصلاة وإيتاء الزكاة للفقراء والمساكين، وتوجيه الرسول عليه الصلاة والسلام بالرفق بهذه الفئة من المجتمع، وليس بالتخلّص منهم، خلافاً لنداء أفلاطون أعلاه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store