Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

أنت تتغير.. ولكن في أي اتجاه؟!

A A
* «(التغيُّر) هو (الثابت) الوحيد في الحياة»!!.‏ لابد أنك قد سمعت هذه العبارة الشهيرة بشكل أو بآخر، منسوبة إلى هذا الحكيم أو ذاك الفيلسوف.. لا يهم.. ففي كل الأحوال هي عبارة صحيحة ولا خلاف عليها، فالتغيُّر هو السمة الأبرز والأكثر ثباتاً وصدقاً بين كل سمات الأحياء، وكلنا - كأفراد ومجتمعات - نتغيَّر ونتغيَّر؛ طالما كنا نعيش ونتعايش في هذه الحياة.

* نحن نتغيَّر لأسباب كثيرة جداً، بعضها اختياري؛ إرادي، ونشعر به، والبعض الآخر عكس ذلك تماماً.. تعليمنا، قراءاتنا، ثقافاتنا، سفرنا وتنقلاتنا، تجاربنا، حواراتنا، صداقاتنا، بيئاتنا التي نعيش فيها، كل ذلك يجعل من تغيُّرنا أمراً حتمياً لا مفر منه.. ناهيك عن معاركنا الحياتية وخصوماتنا، صدماتنا وانتكاساتنا المالية والصحية، كلها محطات تُعزّز من حتمية التغيُّر، سواء كان ذلك في الاتجاه السلبي أو الإيجابي.

* التغيُّر أمرٌ حتمي إذن.. لكنه لا يمنحنا بالضرورة النضج والحكمة، ولا حتى القدرة على التعايش السليم والتناغم مع الحياة.. وهنا يبرز سؤال مهم: هل التغيُّر أمر عشوائي متروك للظروف والأقدار، أم أننا نستطيع توجيهه والتحكم فيه بشكل أو بآخر؟!، الإجابة الصحيحة هي الثانية بالطبع.. صحيح أننا لا نستطيع التحكُّم في الكثير من ظروف الحياة، ومساراتنا فيها، لكننا بكل تأكيد نستطيع التحكُّم في اطّلاعنا، قراءاتنا، وعينا، ثقافتنا، اختيارات أصدقائنا.. هذا يعني أننا نُوجّه أكثر من 60% من بيئتنا المحيطة، وبالتالي نستطيع التحكُّم في نفس النسبة تقريباً من النتائج.. أما إن استطعنا التحكُّم في ردود أفعالنا، وكانت لدينا القدرة على التكيُّف والتأقلم مع نتائج التغيير، فهذا سيرفع نسبة قدرتنا على توجيه التغيير إلى أكثر من 70%، مما يساعدنا على التنقُّل السلس من ضفةٍ إلى أخرى في أنهار الحياة بأقل الخسائر، بل ربما مع تحقيق مكاسب أحياناً.

* قرأت قبل فترة موضوعاً جميلاً كُتِبَ على لسان رجل بسيط، سُئل وهو على مشارف السبعين: «هل غيّرتك الحياة للأفضل أم للأسوأ؟»، فأجاب: (لا أعرف.. لكنني أدركت بعد هذه الرحلة أنني لا يجب أن أكون مثل (أطلس)؛ الذي أرهق نفسه بحمل العالم كله فوق كتفيه في أساطير الإغريق القديمة.. ولذلك لم أعد انتقد الناس، حتى عندما أُدرك أنهم على خطأ، ولم يعد يهمّني إصلاح الجميع وجعلهم مثاليين، بعد أن أيقنت أن السلام مع الكل؛ أفضل من الكمال الوهمي.. لم أعد أنزعج من تجعّد ثيابي، أو من نقطة سوداء تقع عليها، لأنني بتُّ أُدرك أن الجوهر أهم بكثير. ولأنني أعرف جيداً من أنا، أصبحت أتعامل بهدوء ولا مبالاة مع المستفزِّين والمجادلين ومَن لا يعرفون قدري.. لا أعرف إن كنتُ بهذا قد تغيَّرت للأسوأ أم إلى الأفضل.. ما أعرفه هو أنني سعيد بما وصلت إليه، لأنني أستمتع بكل لحظة في حياتي، وأستمتع بعلاقتي مع الله).

* أنت لا تستطيع تقليل آثار التغيير على حياتك فحسب.. بل يمكنك تعديل مسار التغيير وتوجيهه لمصلحتك إن أردت.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store