Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. أحمد بن داود المزجاجي

المطارات واجهة الشعوب

A A
لا تخلو الحياة من المواقف والذكريات التي تمر بنا خلال تواصلنا مع الآخرين وتفاعلنا معهم.. ذات مرة عُدتُ من إجازتي إلى دراستي في جامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجلوس عبر محطتي الأولى بمطار نيويورك، وكنت أحمل معي جالوناً كبيراً من ماء زمزم المبارك هديةً للمسلمين الأمريكيين حديثي العهد بالإسلام.. وفي مطار نيويورك سألني رجل الأمن عن محتوى الجالون، فقلت له إنه ماء.. فقال مبتسمًا: ألا يوجد في أمريكا ماء لتحضر ماءً من السعودية؟ فأجبته إنه ماء مختلف جداً ليس كمثله ماء في العالم.. فاستغرب قائلاً بلهجته: واو.. ما هذا الماء؟ فقلت: إنه ماء زمزم.. ففتح غطاء الجالون ليشمه، فقلت له فوراً: لا تضع أنفك في فتحة الجالون.. فاعتذر وامتنع قائلاً: أريد أن أعرف ماهو هذا الماء.. فتناول عصى صغيرة في يده محاولاً أن يغمسها في الماء، فقلت له لو سمحت لا تفعل ذلك، فامتنع واعتذر، ثم قال: كيف لي أن أعرف حقيقة هذا الماء العجيب؟ فأجبته بأن يحضر كأساً، فأضع فيه ماءَ، وأردفت مداعبًا: إذا تذوقتَ الماء وشربتَ منه، قد تفكر في سر هذا الماء المبارك، وتصبح مسلماً.. فضحك الرجل وانتفضَ مما قلته، وطلب مني إعادة ما قلته له.

فقفل الجالون وحدّق بعينيه الزرقاوين قائلاً: اسمع يا صديقي، خذ ماءك، ولا أريد شُربَهُ.

هذا الحوار دار بيني كأجنبي، وبين رجل أمن أمريكي مسؤول عمّا يقوم به من عمل كواجب يفرض عليه أن يتحقق من ماهية هذا الماء حتى لو وصل الأمر لمصادرته.. ولكن تعامل الرجل معي بإنسانية وابتسامة لا تفارق شفتيه صابراً على اعتراضي في مسألة أن يشم الماء أو أن يغمس عصاه في الجالون.

لقد كان موقفاً حضارياً لن أنساه طوال عمري..

أتمنى أن تسود مثل هذه المعاملة الكريمة في جميع مطارات الدول العربية وعلى الأقل أدنى شروط التعامل الإنساني وهو الابتسام في وجه الضيوف.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store