Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

تسطيح معاني المناسبات!

A A
لا أعرف لماذا يحرص البعض على تسطيح وتسخيف معاني المناسبات العالمية؟!.. والعالمية صفة لتداول المفاهيم والمناسبات؛ والمصطلحات والخبرات بين الدول المشتركة في المنظمات الدولية، كالأمم المتحدة

.المناسبات التي تُقام احتفاءً بالمرأة أو الأم، الطفل أو المعلم، وغيرها من المناسبات التي تهتم بتعزيز فكرة الاهتمام بفئةٍ اجتماعية محددة، وتُرسِّخ قِيَم الرعاية والاهتمام بها، ليس ليومٍ واحد فقط، كما يُروِّجون، بل لأهمية هذه الفئة وعلو مكانتها، اتفق العالم على تخصيص يوم في العام، ليكون يومًا خاصًّا بها، أي بتلك الفئة، يكون مناسبة للتكريم، والاعتراف بفضلها، كيوم الأم والمعلم، كليهما يستحقان هذا اليوم الخاص.

عندما يتم تداول عبارات تُسطِّح وتُسخِّف المناسبة مِن العامة، فهو أمر مُقدَّر ومفهوم، لمعرفتهم السطحية بقيمة المناسبة وتاريخها وأهميتها، لكن عندما يُخصِّص بعض الكُتّاب أو الكاتبات لهذا التسطيح مقالات، وتفرد له بعض الصحف مساحات، فهي ظاهرة تستدعي الاهتمام، لأن الكاتب هو منارة الوعي الاجتماعي، هو الذي يقود ولا يُقَاد، لا يعذر الكاتب الذي يميل حيثما تميل رياح العامَّة والغوغاء، وكأنه لا يريد مفارقة القطيع، والخروج -ربما- على ما يراه مَنْ حوله!.

القلم أمانة، وحمله كحمل السيف في يد الفارس، يُحارِب بهِ الأعداء، والكاتب يُحارِب بقلمهِ «الجهل والأفكار المحبطة» التي تحاول سحب المجتمع إلى الخلف.

هناك قناعات مختلفة لدى الكُتَّاب بالتأكيد، تختلف حسب البيئة والثقافة، والقدرة على الطيران، والتحليق ورؤية ما وراء الأفق، واستشعار المسؤولية، وامتلاك الشجاعة الأدبية، للبوح والصدح بما يُفكِّر ويُؤمن به! أي أن هناك من الكُتَّاب مَن لا يعترف بيوم المرأة، أو الأم مثلاً، أو لا يهتم بأي مناسبة، وهذا حق له، ولا يعيب المرء احترامه لقناعاته، أو التعبير عنها، قولاً أو فعلاً، إذا كان القول أو الفعل لا يُحدِثَان تشويشًا، أو لا ينتقصان من فكرةٍ إيجابية، أو مناسبةٍ وطنية أو إقليمية أو عالمية، أو أنه يتم اختزالها وتسطيحها وتسفيهها.

أجل، كل إنسان يملك الحق في التعبير عن رأيهِ وقناعتهِ، وهذا ليس بأمرٍ معيب، بل المعيب هو تسفيه مناسبة اصطلح العالم على تخصيصها للاحتفاء بفئةٍ اجتماعية، واختزال معناها كأن يُقال: «هل الاحتفاء بالأم يوم واحد؛ وبقية السنة لا يُهْتَم بها؟»، أو كمَن تَداول عبارة: «انتهى يوم المرأة وأهلاً بـ364 يوماً للرجل»!.

هل هذا هو المفهوم الذي اصطلح عليه العالم؟!، هل الاحتفاء باليوم الوطني -مثلاً- يعني أن الوطنية يوم واحد في السنة؛ وبقية أيام السنة نعيش على تراب الوطن وننعم بخيراتهِ، ونحن خلو من مشاعر الحب والولاء، والانتماء والوطنية للوطن؟!.

هل هكذا تورد الإبل؟! ما هكذا يا سعد تورَد الإبل.. ليس هذا هو المفهوم الحقيقي أو المعنى الحقيقي لتخصيص يوم عالمي للمرأة أو الأم، وأقتصر هنا على هذين اليومين، لأنهما الأكثر تسطيحًا وتسخيفًا، كُلَّما حان موعدهما، وكأنَّ التحريم الذي ساد عقودًا من الزمن لَم يَكُن كافيًا لردع المجتمع عن الاحتفاء بهما وبيومِ الحب أيضاً فحان زمن التسطيح والتسخيف، لصد الناس عن الاحتفاء بهذه الأيام، وتكريم النساء!.

الغريب أن كل هذه الأيام خاصة بالمرأة، فيوم المرأة؛ صريحٌ واضح بالاحتفاء بالمرأة فقط دون غيرها، ويوم الأم خاص بالأمهات، أي بالمرأة أيضاً، ليست الأم هي التي ولدت أبناء فقط، بل الخالة والدة، والعمة والأخت، كل هؤلاء نساء، كذلك يوم الحب، القسم الرابح فيه هو المرأة.

فهل الاحتفاء بالمرأة، الزوجة والأم والأخت والعمة والخالة، هو الذي جعل من هذه الأيام في نظر البعض بلا معنى؟!.


contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store