Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

الشهرة على رقاب العباد!

A A
هوس جذب المتابعين، حوَّل كثير من الحالمين والواهمين، إلى مُهرِّجين ومهرِّجات، أو مخترعين ومخترعات، ليس فقط وصفات الطعام، والوصفات العلاجية، سواء بالأعشاب، أو بمواد يتم خلطها دون علم أو معرفة أو خبرة، ولترويج بضاعتهم الفاسدة، يُزيِّنونها بعناوين برَّاقة، مثلا: وصفة سريعة لعلاج تساقط الشعر، أو أنجح علاج للكوليسترول، وأنجح علاج للقولون، أو وصفات فقدان الوزن، كلها عناوين تعزف على الوتر الحسَّاس، كما يقولون!.

ولأن رغبة الإنسان في التخلص من أمراضه، أو مشاكله مع الوزن الزائد، أو تساقط الشعر، أو تكاثر الشيب، تحثّه على البحث الدائم عن الأسرع والأنجح من طرق العلاج المختلفة، دون جهدٍ أو خسارة الوقت والمال، كمراجعة الأطباء، والانتظار في العيادات، واستخدام الوصفات الطبية المكلِّفة مادياً، وجد في الأجهزة بين يديه الحل السريع والمجاني لمعظم مشاكله؛ كما تُوهمه تلك العناوين والوصفات المختلفة، التي تُقدَّم له بأسلوبٍ تشويقي، وثقةٍ عالية، فلا يشك أنها مجرد وهم، وأنها وسيلة لزيادة عدد المتابعين لمن باعه الوهم!.

آخر التقليعات أو مصائب الرغبة في الشهرة عن طريق ارتفاع عدد المتابعين إلى ملايين، هو ما أقدمت عليه فتاة مصرية، أو قدَّمته للراغبات في تصغير أنوفهن، وتكبير شفاههن، وهو إجراء يتم على يد خبير في التجميل بكل تأكيد، ولأن تلك الإجراءات الطبية مكلفة مادياً، سواء تصغير الأنف أو تكبير الشفاه، لجأت الشابة إلى استخدام مادة «الغراء» الخطيرة صحياً، كما أفاد أحد الأطباء في تعليقه واندهاشه من استخدام مادة خطرة، سواء داخل الأنف، أو على الجلد لشد الشفاه، أو تصغير الأنف، كما ظهرت الفتاة في الفيديو الذي انتشر انتشار النار في الهشيم، كما يقولون!.

ظهرت الفتاة في فيديو آخر وهي تصرخ بهستيريا، تُخبر أحدهم أنها أصبحت مشهورة بعد تجاوز متابعيها المليونين!، لا أعرف كم تدفع قنوات التواصل لمثل هذه الفتاة، أو لمن يُطلقون على أنفسهم مشاهير، أو صنّفوا قسراً ورغماً عن الرفض الاجتماعي لأمثالهم، لكن ربما تحصل هذه الفتاة على مبلغ مالي بـ»الدولار»، ربما قيمة عملية تصغير أنف، أو قيمة عمليتين أو أكثر، يتقاضاها طبيب أفنى سنوات عمره في الدراسة والتحصيل، ليتفوَّق ويتقن إجراء مثل تلك الجراحات الدقيقة، بالإضافة إلى تكلفة العيادة وغرفة العمليات والأجهزة المختلفة، بينما هذه الفتاة تبيع الوهم في لحظات!.

كل ما ذكرته من أمثلة سابقة، هو بيع للوهم وقبض ثمنه؛ آلاف الدولارات، من شركات سناب شات، تيك توك، يوتيوب، وغيرها، لكن من يتحمَّل خطر ازدياد منتجات أسواق الوهم، وبيَّاعين وبيَّاعات الوهم؟، هم المتابعين بكل تأكيد!.

مَن يستقبل ويشاهد، أو يُتابع ويضع بصمة إعجابه، ولا يكتفي، بل يساهم في نشر المقطع، ولأن الفضول سيد المواقف كلها، لا يمكن إهمال أو حذف مقطع دون المتابعة والإعجاب، والأسوأ هو تنفيذ وصفة الوهم، رغم ما تبدو عليه من بساطة وتفاهة، أو عبثية، إلا أن هناك مَن يُحاول تجريب كل الوصفات، حتى وصفات الطعام، التي تُدمِّر الصحة، تجد مَن يُتابعها ويعمل على تداولها.

ربما هناك فتيات صغيرات؛ حاولن تجريب العملية أو الوصفة الخطيرة؛ باستخدام «الغراء» لتصغير الأنف وتكبير الشفاه؛ كما ظهرت الفتاة في المقطع الذي وضعها في قائمة المشاهير. نحن هنا أمام جريمة صحية، وتعريض الصغار لخطر استخدام مواد ضارة بالصحة؛ من أجل وهم تجميلي، وهو ليس كذلك، بل إجراء شائه، حيثُ رأيتُ أنف الفتاة وقد أُغلق، وهي تنصح بالتنفس من الفم.

شاهدت ذلك المقطع في برنامج تلفزيوني يَعرض أبرز ما يُعرَض في قنوات التواصل الاجتماعي؛ التي منحت الشهرة بكل سهولةٍ ولو على رقاب العباد!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store