Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

قتل النساء في إيران!!

A A
قبل سنوات كتبت مقالاً في هذه الزاوية، بعنوان: «إيران من الداخل وشاهد من أهلها»، استشهدتُ فيه بما ذكرته المحامية الإيرانية «شيرين عبادي» في كتابها: «إيران تستيقظ»، مذكرات الثورة والأمل. أي أن إيران تستيقظ من الحلم الذي عاشته خلال الثورة الخمينية، بأن القادم أحلى؛ فتضامن الشعب الإيراني مع الثورة الخمينية ضد الشاه، لكنه استيقظ على كابوس مظلم وليل طويل ليس له آخر.

تقول عبادي: «كان الأمل يحدوهم أيام الثورة أن إيران تستيقظ لتنهض، لكنهم صُدموا بالأحداث المتلاحقة، التي وضعتهم أمام حقيقة قاسية، لم تدرك إلا بعد أن نفذ السهم من القوس، وأصبحت إيران تحت حكم الملالي، تمارس كل أنواع العنف».

تقول أيضا: «في خريف عام 2000م، أي بعد حوالى عقد من بداية عملي القانوني في الدفاع عن ضحايا العنف في محاكم إيران، عشتُ عشرة أيام هي الأشد هولاً في حياتي المهنية برمتها؛ أوضاع الأطفال الذين يتعرضون للضرب، والنساء اللاتي يصبحن رهائن زيجات مفروضة، والسجناء السياسيون، يضعني في احتكاك يومي مع القسوة البشرية».

هي ذاتها صورة الحياة في إيران، لا تتغير، القسوة البشرية، هذا هو التوصيف الذي يمكن استخدامه وأنت تشاهد ما يحدث في إيران، على مدى عقود امتلأت فيها ذاكرة المشاهد أو المتابع لما يحدث في العالم، بصور العنف والقسوة ضد الشعب الإيراني بشكل خاص. هذا فقط ما تلتقطه العدسات خلسة، وما خفي كان أعظم.

حادثة قتل أو موت الشابة «مهسا أميني»، 22 سنة، خلال احتجازها، كما تدّعي السلطات الإيرانية، اعتقلت «مهسا» بسبب عدم التزامها بالحجاب، الذي تلزم به إيران النساء، لكنها لم تتحمل ما تعرضت له في قسم شرطة الأخلاق، وتوفيت في المستشفى.

ثارت ثائرة النساء الايرانيات ضد العنف الذي مارسته السلطات الإيرانية ضد «مهسا» خلال احتجازها حد القتل، ذات المصير واجهته المراهقة الإيرانية «نيكا شاه كارامي»، ذات الستة عشر ربيعاً، بعد نشر قصة لها على موقع انستغرام، حول حرقها لحجابها تضامنا مع «مهسا»،حيث عثرت عائلتها على جثتها في المشرحة بعد عشرة أيام من غيابها وعدم معرفة مكانها.

حوادث عنف كثيرة تحدث في إيران، ربما كل لحظة، لكنها في طي الكتمان إلا القليل الذي يخرج للإعلام الخارجي، مع ذلك يبدو الأمر طبيعياً في الداخل الإيراني، ربما لعجزه عن مواجهة النظام الإيراني الذي يحكم بالحديد والنار، لكن على رأي المثل: «كثرة الضغط يُولِّد الانفجار»، حدث هذا الانفجار العظيم نتيجة قتل «مهسا»، وتجرأت النساء الإيرانيات على الظهور في مقاطع فيديو، وهن يقصصن شعورهن، لكن السؤال: هل واجهن مصير «مهسا»، وتم التكتم من قبل ذويهن على احتجازهن أو قتلهن، أم أن السلطات الإيرانية انشغلت بإخماد الثورة الكاسحة التي اشتعلت بوقود الصمت الطويل، الذي أوصلهم إلى هذا الوضع الذي تسحب فيه النساء أمام ذويهن، ويقتلن بدمٍ بارد لأسباب واهية؟!.

عبادي، منحت جائزة نوبل للسلام عام 2003م، نظير كفاحها للدفاع عن حقوق الإنسان داخل إيران، بدأت عملها قاضية في عهد الشاه، وفي عهد الخميني منعت من القضاء، فمارست المحاماة، وخلال بحثها عن ملفات جرائم القتل التي تواطأت فيها الحكومة، وقضت على حياة الكثيرين، اكتشفت التجاوزات الكثيرة ضد السجناء والمحتجزين والانتحار الغامض في السجن.

السجن في إيران ليس إصلاحا وتهذيبا، بل رحلة إلى العالم الآخر من خلال العنف والقسوة المؤديان إلى القتل عمدا ودون رحمة.

هل ستتمكن السلطات الإيرانية من إخماد ثورة المحتجين على ما حدث لـ»مهسا أميني»، والمراهقة «نيكا كارامي» بالغاز والرصاص الحي، أم أن الثورة هذه المرة ستنهي حكم الملالي، وعقود من القمع والقسوة وكبت الحريات وقتل النساء لمجرد إظهار جزء من شعورهن؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store