Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

اعرف ما يجب عليك تجاهله!

A A
«نِصف معادلة النجاح في الحياة؛ تتلخَّص في معرفتك لما يجب عليك تجاهله».. احفظ هذه القاعدة جيداً، واعمل على تطبيقها حرفياً في حياتك إن كنتَ ترغب في زيادة إنتاجيتك، وتنمية فاعليتك في الحياة.. فالتركيز -كما يقولون- هو المُحرِّك الأكبر للتميُّز، وكل ما يُضعفه يَعدُّ من أعدائك، ومن مُهدَّدات نجاحك، التي يجب عليك العمل على تلافيها. من المؤسف أن حياتنا اليوم أصبحت عبارة عن شبكة كبيرة من الملهيات والمشتتات؛ التي تمنع وصول التركيز إلى الدرجة المأمولة، وتشغلنا عما يجب أن نقوم به فعلاً.. ففي عالمنا شديد الاتصال والترابط، أصبح من الطبيعي أن نتعرَّض في كل يوم؛ بل في كل لحظة، لهجماتٍ مستمرة من الإشعارات والمشاهد والأخبار؛ التي تتسابق للاستحواذ على انتباهنا وتركيزنا، مما يجعل الاستمرار في التركيز الفعَّال ليس بالأمر الهين، وما يزيد الأمر سوءاً أن عقولنا تستجيب بطبيعتها لهذه المثيرات، بإفراز مادة (الدوبامين)، التي تمنحنا شعورًا بالسعادة، وتُكافئنا على الاستجابة لها!. إن مفتاح النجاح الأكبر في هذا الزمن المزدحم؛ أصبح هو القدرة على (تجفيف) شلالات الملهيات، أو على الأقل التخفيف منها، ثم محاولة تغذية التركيز والانتباه. وعندما نقول تحسين التركيز، فإن الأمر لا يقتصر على التأمُّل أو الخلوة فقط، بل هناك أساليب أخرى مهمة، منها قانون التجاهل، الذي يُمكًّنك من التحسّن، ليس عن طريق تجاهل ما يشتتك فقط، بل يُعلِّمك أيضاً كيفية ترتيب وإدارة أولوياتك، وفرز المؤثرات من حولك، وعدم أخذ كل ما يعترضك في الحياة على محمل الجد، ليبقى أمامك فقط مهامك وأهدافك ومشكلاتك الهامة. من المهم هنا الإشارة إلى ضرورة الانتباه لقدرتك على الانتباه نفسه، كما هو الحال في القدرة على ملاحظة أنك لا تلاحظ ما يجب عليك ملاحظته، وهذا كفيل بتصحيح اتجاه تركيزك، فاليقظة تجعل (عضلة الانتباه) -إن جاز التعبير- أكثر قوة وفاعلية.. لأن أسوأ ما يمكن أن تفعله بنا المشتتات والملهيات؛ هو أنها تُغذِّي فينا (عقلية القرد)، بحسب مصطلح «جينيفر شانون»، التي شبَّهت العقل المرتبك المثقل بالكثير من الانشغالات الثانوية بالقرد الذي يقفز من شجرة لشجرة، دون هدف واضح، ودون إنتاجية حقيقية. إن تحسين تركيزك وانتباهك لن يؤدي إلى توفير وقتك ورفع إنتاجيتك فحسب، بل سيؤدي أيضاً إلى تحسين نفسيتك وثقتك بنفسك على المدى الطويل.. صحيح أنه لا يمكنك دائمًا التحكم في النتيجة، لكن الخبر الجيد هو أن القدرة على التركيز مهارة، وكأي مهارة أخرى فإنه يمكن تعلُّمها وتحسينها، بل يمكن أن تصبح عادة راسخة من خلال الممارسة والتحكُّم، ومن خلال استحضار القاعدة المهمة التي افتتحنا بها المقال.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store