Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
علي خضران القرني

من حكايات الماضي

A A
روى لي أحد الموثوقين في صدق رواياتهم، حكاية لامس أحداثها في بداية الثمانينات الهجرية قائلاً: سكن بجواري مواطن عربي مسيحي الديانة من دولة عربية شقيقة، اتضح لي أنه يمارس مهنة الطب في عيادة خاصة، وبحكم الجوار أصبحنا نتبادل التحايا والتواصل، وفي أحد لقاءاتي معه، قال لي: من قراءاتي العديدة في مفاهيم الدين الإسلامي الحنيف وتفاسير القرآن الكريم العديدة، تكوّنت لديّ رغبة أكيدة وقناعة تامة بالدخول في دين الإسلام فهو أفضل الديانات السماوية، فما هي الطريقة يا تُرى لإشهار إسلامي؟ قلت له أبشر الأمر ميسر وسهل أذهب أنا وأنت للجهة الشرعية وتشهر إسلامك، وفعلاً تم ذلك في يسر وسهولة ومنح الإثبات الشرعي اللازم.

وبعدها ببضعة أشهر أبدى لي رغبته في إكمال نصف دينه ورغبته في الزواج من مختصة التوليد والتمريض بعيادته وهي عربية مسلمة للصفات الحميدة التي تميزت بها ديناً وخلقاً، قلت له حسناً.. شاور والديك ومن يعز عليك، قال هم يعرفون من أرغب الزواج منها، ومنهم الموافق وغير الموافق بحجة عدم مناسبتها شكلياً، وقد صممت على الزواج منها بصرف النظر عن آرائهم المتباينة، قلت أعرض الرغبة عليها، وعرض عليها رغبته وقالت له: بيني وبينك فروقات عدة فأنت وسيم من جهة وطبيب من جهة أخرى، وأنا أقل منك تأهيلاً وتخصصًا وشكلاً، فإن كان دافعك هو استدامة عملي معك في دعم سير العمل في العيادة دون رغبة ذاتية فأنا مستعدة للاستمرار معك ما دامت الحاجة قائمة لي، فأجابها بأن دافعه في الزواج منها القناعة التامة بعيداً عما جاء في أسئلتها، من إيضاحات، لعدة صفات لمسها فيها أثناء عملها معه بعيداً عن الشكل وخلفياته، قالت سأعرض الأمر على ولي أمري وأجيبك، وأخيراً وافقت ووافق والدها وأسرتها شريطة أن تكون الخطبة والعقد وحفل الزواج في بلدها، فوافق وتم زواجهما بنجاح.

* خاتمة: نستنتج من هذه الرواية عدة فوائد منها: حسن التعامل مع الجيران حتى ولو كانوا من غير المسلمين، نشر فضائل الإسلام والحث على الدخول فيه، مشاورة الأبناء لوالديهم أثناء الرغبة في الزواج، عدم إرغام الأبناء بزوجات لا يرغبونهن، ليس (الجمال) هو المقياس الأهم في اختيار الزوجة.

ومما يناسب هذه الرواية ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) متفق عليه.

ومن طريف التراث العربي القديم (زواج أعرابي بامرأة جميلة وكان الأعرابي «دميماً» فقالت له يوماً: إني لأرجو أن أكون أنا وأنت في الجنة؟ قال: ومن أين حكمت لنا؟ قالت لأنك أُعطيتَ مثلي فِشَكَرت، وأُعطِيتُ مثلك فصَبرت، والصابر والشاكر في الجنة). فسبحان مؤلف القلوب، وجاعل المودة والرحمة هما الرابط الوثيق في استدامة الحياة الزوجية بين الزوجين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store