Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د.ساري بن محمد الزهراني

مصطلح المثقف.. وفك الالتباس

سديم

A A
لا تكاد البحوث والدراسات التي اهتمت بتحديد ماهية المثقف أن تخرج من حالة الالتباس في ضبط هذا المصطلح على نحو يحقق الحد الأدنى من اشتراطاته؛ فالتعريفات، أو المفاهيم التي تقدم في معرض تحديده يذهب بعضها إلى حد التناقض، الأمر الذي يشيع حالة من التوهان أمام الصورة الغائمة التي تعرضها جملة من البحوث والآراء حول المثقف؛ لأنه كما يذهب طاهر لبيب «مرن قابل لكل استعمال».

وتأريخيًّا، يعود مصطلح المثقف في العصر الحديث إلى عام 1898م؛ لارتباطه ببيان المثقفين أو -كما يشير الجابري- بحادثة دريفوس، أو فضيحة دريفوس -كما يسميها إدوارد سعيد- في القرن التاسع عشر.

ومع أن الكلمة ذاتها من الكلمات المولدة؛ لأنها ترجمة للكلمة الفرنسية inteiiectuai؛ في حين يرجع تأريخها في العالم العربي إلى طه حسين كما يلاحظ في كتابه مستقبل الثقافة في مصر، وقيل إن أول من أدخلها إلى العربية هو سلامة موسى في العشرينيات من القرن العشرين، باعتبارها ترجمة لكلمة (kultur) الألمانية ومرادفاتها باللغة الأوروبية الحديثة.

إن الرجوع إلى الجذر اللغوي في المعاجم اللغوية العربية لكلمتي ثقافة أو مثقف لا يقدم حلاً فاصلاً وناجعًا لماهيتهما، إذ يرى محمد وتار أن مادة ثقف في معاجم اللغة تدور في مضمونين؛ حسي، والآخر ذهني تجريدي، وعلى ما بين المضمونين من المسافة، إلا أن محاول المقاربة بينهما تدفع بوجود نوع ما من العلاقة بينهما، يمكن أن تتحد بالمقابلة ما بين معنيين، الأول؛ هو المهارة في القتال، ويقابله المهارة في الفهم، وأما الثاني فهو استقامة الرمح، ويقابله استقامة الرجل المثقف، على اعتبار أن «العرب كانوا لا يطلقون على الرجل صفة المثقف أو الثقف إلا إذا توافرت فيه صفتان: الأولى فيزيولوجية، وهي الفهم وحدة الذكاء، والثانية: أخلاقية، وهي الاستقامة والتهذيب».

وعلى الرغم من تعدد (تعريفات = مفاهيم) المثقف إلا أن ذلك لا يمنع من إرجاعها إلى معيارين -كما يذهب وتار-، من خلال ما استند إليهما الباحثون في تعريفهم المثقف؛ وهما: معيار الثقافة.. ومعيار الوظيفة أو الدور؛ ويدخل تحت المعيار الأول، كل من تلقى تعليماً منظمًا في مدرسة أو معهد أو جامعة، وحاز بنتيجة ذلك شهادة علمية، في حين يقوم الثاني على مدى الدور الذي يمارسه المثقف داخل المجتمع وواقعه المعيش.

ومع كل ذلك؛ يبقى الجدل على مثل هذه المفاهيم حاضرًا، مهما حاول البعض الانتصار للوجهة التي هو موليها..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store